للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكهف: ٤٩] وقوله ﷿: ﴿إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم.

قال ابن عباس وغيره: تكتب الملائكة أعمال العباد ثم تصعد بها إلى السماء، فيقابلون الملائكة في ديوان الأعمال على ما بأيدي الكتبة، مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر، مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ثم قرأ ﴿إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

[[سورة الجاثية (٤٥): الآيات ٣٠ إلى ٣٧]]

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٣) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٤) ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اِتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٣٥) فَلِلّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧)

يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة فقال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ أي آمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحات وهي الخالصة الموافقة للشرع ﴿فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾ وهي الجنة كما ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال للجنة:

أنت رحمتي أرحم بك من أشاء (١).

﴿ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ أي البين الواضح. ثم قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا، أما قرئت عليكم آيات الله تعالى فاستكبرتم عن اتباعها، وأعرضتم عن سماعها، وكنتم قوما مجرمين في أفعالكم مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب؟ ﴿وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها﴾ أي إذا قال لكم المؤمنون ذلك ﴿قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السّاعَةُ﴾ أي لا نعرفها ﴿إِنْ نَظُنُّ إِلاّ ظَنًّا﴾ أي إن نتوهم وقوعها إلا توهما أي مرجوحا ولهذا قال: ﴿وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ أي بمتحققين. قال الله تعالى: ﴿وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا﴾ أي وظهر لهم عقوبة أعمالهم السيئة ﴿وَحاقَ بِهِمْ﴾ أي أحاط بهم ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ أي من العذاب والنكال ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ﴾ أي نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم ﴿كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا﴾ أي فلم تعملوا له لأنكم لم تصدقوا به ﴿وَمَأْواكُمُ النّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ﴾. وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة:


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>