يا محمد ﴿يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أي سيفصل بينهم بحكمة العدل، وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم وأن تقصد منهجهم.
ولهذا قال جل وعلا: ﴿ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها﴾ أي اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين، وقال ﷻ هاهنا: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ أي وماذا تغني عنهم ولايتهم لبعضهم بعضا فإنهم لا يزيدونهم إلا خسارا ودمارا وهلاكا ﴿وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾ وهو تعالى يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، ثم قال ﷿: ﴿هذا بَصائِرُ لِلنّاسِ﴾ يعني القرآن ﴿وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
يقول تعالى:«لا يستوي المؤمنون والكافرون» كما قال ﷿: ﴿لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ﴾ [الحشر: ٢٠] وقال ﵎: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ﴾ أي عملوها وكسبوها ﴿أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ﴾ أي نساويهم بهم في الدنيا والآخرة ﴿ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ أي ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نساوي بين الأبرار والفجار في الدار الآخرة وفي هذه الدار.
قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا بكير بن عثمان التنوخي، حدثنا الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد الباجي عن أبي ذر ﵁ قال: إن الله تعالى بنى دينه على أربعة أركان، فمن صبر عليهن ولم يعمل بهن لقي الله من الفاسقين، قيل: وما هن يا أبا ذر؟ قال يسلم حلال الله لله وحرام الله لله وأمر الله لله ونهي الله لله لا يؤتمن عليهن إلا الله.
قال أبو القاسم ﷺ«كما أنه لا يجتني من الشوك العنب كذلك لا ينال الفجار منازل الأبرار». هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد ذكر محمد بن إسحاق في كتاب السيرة أنهم وجدوا حجرا بمكة في أس الكعبة مكتوب عليه: تعملون السيئات وترجون الحسنات أجل كما يجتني من الشوك العنب (١). وقد روى الطبراني من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضحى عن مسروق أن تميما الداري قام ليلة حتى أصبح يردد هذه الآية