﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ﴾ يعني المشركين كانوا يعترفون بأن الله ﷿ هو الخالق للأشياء كلها ومع هذا يعبدون معه غيره مما لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولهذا قال تبارك تعالى: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ﴾ أي لا تستطيع شيئا من الأمر.
وذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديث قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس ﵄ مرفوعا «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك، جفت الصحف ورفعت الأقلام واعمل لله بالشكر في اليقين. واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا. وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا»(١) ﴿قُلْ حَسْبِيَ اللهُ﴾ أي الله كافيّ عليه توكلت و ﴿عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ كما قال هود ﵊ حين قال له قومه ﴿إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٤ - ٥٦].
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري حدثنا عبد الله بن بكر السهمي حدثنا محمد بن حاتم عن أبي المقدام مولى آل عثمان عن محمد بن كعب القرظي حدثنا ابن عباس ﵄ رفع الحديث إلى رسول الله ﷺ قال: «من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله تعالى، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله ﷿ أوثق منه بما في يديه، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله ﷿».
وقوله تعالى: ﴿قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ أي على طريقتكم وهذا تهديد ووعيد ﴿إِنِّي عامِلٌ﴾ أي على طريقتي ومنهجي ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ أي ستعلمون غب ذلك ووباله ﴿مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ﴾ أي في الدنيا ﴿وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ﴾ أي دائم مستمر لا محيد له عنه وذلك يوم القيامة، أعادنا الله منها.