للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل النار» وقال الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أن النبي قال لما نزلت ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا﴾ فقال النبي «قيل لي: أنت منهم» وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من طريقه. وقال عبد الله ابن الإمام أحمد (١): قرأت على أبي، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله «إياكم وهاتان الكعبتان (٢) الموسومتان اللتان تزجران زجرا فإنهما ميسر العجم».

[[سورة المائدة (٥): الآيات ٩٤ إلى ٩٥]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اِعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو اِنْتِقامٍ (٩٥)

قال الوالبي (٣) عن ابن عباس قوله ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ﴾ قال: هو الضعيف من الصيد وصغيره، يبتلي الله به عباده في إحرامهم، حتى لو شاؤوا لتناولوه بأيديهم، فنهاهم الله أن يقربوه. وقال مجاهد (٤) ﴿تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ﴾ يعني صغار الصيد وفراخه، ﴿وَرِماحُكُمْ﴾ يعني كباره. وقال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية في عمرة الحديبية، فكانت الوحش والطير والصيد تغشاهم في رحالهم، لم يروا مثله قط فيما خلا، فنهاهم الله عن قتله وهم محرمون ﴿لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ﴾ يعني أنه تعالى يبتليهم بالصيد، يغشاهم في رحالهم يتمكنون من أخذه بالأيدي والرماح سرا وجهرا، لتظهر طاعة من يطيع منهم في سره وجهره، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [الملك: ١٢] وقوله هاهنا ﴿فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ﴾ قال السدي وغيره: يعني بعد هذا الإعلام والإنذار والتقدم، ﴿فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ أي لمخالفته أمر الله وشرعه.

ثم قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال الإحرام، ونهي عن تعاطيه فيه، وهذا إنما يتناول من حيث المعنى المأكول وما يتولد منه ومن غيره، فأما غير المأكول من حيوانات البر، فعند الشافعي يجوز للمحرم قتلها، والجمهور على تحريم قتلها أيضا، ولا يستثنى من ذلك إلا ما ثبت في الصحيحين من طريق الزهري عن عروة، عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله قال «خمس فواسق يقتلن في


(١) مسند أحمد ١/ ٤٤٦.
(٢) هما حجرا النرد الذي يلعب به.
(٣) هو علي بن أبي طلحة. والأثر في تفسير الطبري ٥/ ٤٠.
(٤) الأثر عن مجاهد في تفسير الطبري ٥/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>