للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنجوم الثوابت والسيارات موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات وقوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ أي إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول مختلف مضطرب لا يلتئم ولا يجتمع، وقال قتادة: إنكم لفي قول مختلف ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به.

﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ أي إنما يروج على من هو ضال في نفسه، لأنه قول باطل إنما ينقاد له ويضل بسببه، ويؤفك عنه من هو مأفوك ضال غمر لا فهم له كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلاّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦١ - ١٦٢] قال ابن عباس والسدي ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ يضل عنه من ضل. وقال مجاهد ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ يؤفن عنه من أفن، وقال الحسن البصري: يصرف عن هذا القرآن من كذب به. وقوله تعالى: ﴿قُتِلَ الْخَرّاصُونَ﴾ قال مجاهد: الكذابون، قال: وهي مثل التي في عبس ﴿قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] والخراصون الذين يقولون لا نبعث ولا يوقنون.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿قُتِلَ الْخَرّاصُونَ﴾ أي لعن المرتابون.

وهكذا كان معاذ يقول في خطبته. هلك المرتابون. وقال قتادة: الخراصون أهل الغرة والظنون.

وقوله : ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ﴾ قال ابن عباس وغير واحد في الكفر والشك غافلون لاهون ﴿يَسْئَلُونَ أَيّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ وإنما يقولون هذا تكذيبا وعنادا وشكا واستبعادا، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النّارِ يُفْتَنُونَ﴾ قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغير واحد ﴿يُفْتَنُونَ﴾ يعذبون. كما يفتن الذهب على النار، وقال جماعة آخرون كمجاهد أيضا وعكرمة وإبراهيم النخعي وزيد بن أسلم وسفيان الثوري: ﴿يُفْتَنُونَ﴾ يحرقون ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ﴾ قال مجاهد: حريقكم، وقال غيره: عذابكم ﴿هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتحقيرا وتصغيرا، والله أعلم.

[[سورة الذاريات (٥١): الآيات ١٥ إلى ٢٣]]

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)

يقول تعالى مخبرا عن المتقين لله ﷿ أنهم يوم معادهم يكونون في جنات وعيون بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من العذاب والنكال والحريق والأغلال. وقوله تعالى: ﴿آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ قال ابن جرير: أي عاملين بما آتاهم الله من الفرائض ﴿إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ﴾ أي قبل أن يفرض عليهم الفرائض كانوا محسنين في الأعمال أيضا (١)، ثم روي عن


(١) انظر تفسير الطبري ١١/ ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>