للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفسير

[سورة فاطر]

وهي مكية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة فاطر (٣٥) : آيَةً ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:

كنت لا أدري ما فاطر السموات وَالْأَرْضِ حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أحدهما لصاحبه: أنا فطرتها أي بدأتها. وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي بديع السموات وَالْأَرْضِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ فاطر السموات والأرض، فهو خالق السموات والأرض. وقوله تعالى: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا

أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ أُولِي أَجْنِحَةٍ أَيْ يَطِيرُونَ بِهَا لِيُبَلِّغُوا مَا أُمِرُوا بِهِ سَرِيعًا.

مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ أَيْ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ جَنَاحَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رأى جبريل عليه السلام لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَهُ سِتُّمَائَةِ جَنَاحٍ، بَيْنَ كُلِّ جَنَاحَيْنِ كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَلِهَذَا قَالَ جل وعلا:

يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ السُّدِّيُّ: يَزِيدُ فِي الْأَجْنِحَةِ وَخَلْقِهِمْ مَا يَشَاءُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وابن جريج في قوله تعالى: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ يَعْنِي حُسْنَ الصَّوْتِ، رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ يَزِيدُ فِي الْحَلْقِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَاللَّهُ أعلم.

[[سورة فاطر (٣٥) : آية ٢]]

مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى ولا معطي ولا مَنَعَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، أَخْبَرَنَا عَامِرٌ عَنْ وَرَّادٍ مولى المغيرة بن شعبة قال: إن معاوية كتب إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ اكْتُبْ لِي بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَانِي الْمُغِيْرَةُ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول إذا انصرف من الصَّلَاةِ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كل شيء قدير،


(١) المسند ٤/ ٢٥٤، ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>