يقول تعالى مخبرا عن إرسال موسى بآياته ودلالاته الباهرة إلى فرعون ملك القبط وملئه ﴿فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ﴾ أي منهجه ومسلكه وطريقته في الغي ﴿وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ أي ليس فيه رشد ولا هدى. وإنما هو جهل وضلال وكفر وعناد، وكما أنهم اتبعوه في الدنيا وكان مقدمهم ورئيسهم كذلك هو يقدمهم يوم القيامة إلى نار جهنم فأوردهم إياها وشربوا من حياض رداها، وله في ذلك الحظ الأوفر، من العذاب الأكبر، كما قال تعالى: ﴿فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً﴾ [المزمل: ١٦] وقال تعالى: ﴿فَكَذَّبَ وَعَصى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى﴾ [النازعات: ٢١ - ٢٦].
وقال تعالى: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾ وكذلك شأن المتبوعين يكونون موفورين في العذاب يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] وقال تعالى إخبارا عن الكفرة أنهم يقولون في النار: ﴿رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ﴾ [الأحزاب: ٦٧] الآية.
وقال الإمام أحمد (١): حدثنا هشيم حدثنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «امرؤ القيس حامل لواء شعراء الجاهلية إلى النار» وقوله:
﴿وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ الآية، أي أتبعناهم زيادة على عذاب النار لعنة في الدنيا ﴿وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾ قال مجاهد: زيدوا لعنة يوم القيامة فتلك لعنتان، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾ قال: لعنة الدنيا والآخرة وكذا قال الضحاك وقتادة وهو كقوله ﴿وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ [القصص: ٤٢] وقال تعالى ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾ [غافر: ٤٦].
لما ذكر تعالى خبر الأنبياء وما جرى لهم مع أممهم وكيف أهلك الكافرين ونجى المؤمنين قال: ﴿ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى﴾ أي أخبارهم ﴿نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ﴾ أي عامر ﴿وَحَصِيدٌ﴾ أي