للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه الصحيح عند تفسير هذه الآية: حدثنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا عباد بن راشد، حدثنا الحسن، قال: حدثني معقل بن يسار، قال: كانت لي أخت تخطب إلي، قال البخاري: وقال إبراهيم عن يونس، عن الحسن، حدثني معقل بن يسار، وحدثنا أبو معمر، وحدثنا عبد الوارث، حدثنا يونس عن الحسن، أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها، فتركها حتى انقضت عدتها فخطبها، فأبى معقل، فنزلت ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ﴾ وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه من طرق متعددة عن الحسن، عن معقل بن يسار به، وصححه الترمذي أيضا، ولفظه عن معقل بن يسار، أنه زوج أخته رجلا من المسلمين، على عهد رسول الله فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عدتها، فهويها وهويته، ثم خطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع بن لكع! أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبدا آخر ما عليك، قال: فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله ﴿وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ إلى قوله ﴿وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ فلما سمعها معقل قال: سمعا لربي وطاعة ثم دعاه، فقال: أزوجك وأكرمك، زاد ابن مردويه: وكفرت عن يميني. وروى ابن جرير، عن ابن جريج، قال: هي جمل بنت يسار، كانت تحت أبي البداح. وقال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: هي فاطمة بنت يسار. وهكذا ذكر غير واحد من السلف، أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار وأخته. وقال السدي: نزلت في جابر بن عبد الله وابنة عم له والصحيح الأول والله أعلم.

وقوله ﴿ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي هذا الذي نهيناكم عنه من منع الولايا أن يتزوجن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف يأتمر به، ويتعظ به، وينفعل له ﴿مَنْ كانَ مِنْكُمْ﴾ أيها الناس ﴿يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي يؤمن بشرع الله، ويخاف وعيد الله وعذابه، في الدار الآخرة، وما فيها من الجزاء ﴿ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ﴾ أي اتباعكم شرع الله، في رد الموليات إلى أزواجهن، وترك الحمية في ذلك أزكى لكم وأطهر لقلوبكم ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ﴾ أي من المصالح، فيما يأمر به وينهى عنه ﴿وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ أي الخيرة فيما تأتون، ولا فيما تذرون.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٣٣]]

﴿وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاِتَّقُوا اللهَ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)

هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة، وهي سنتان فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك، ولهذا قال ﴿لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ﴾ وذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يحرم من الرضاعة إلا ما كان دون الحولين، فلو ارتضع المولود وعمره فوقهما لم يحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>