للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الثوري عن الأعمش عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿اُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً﴾ قال: ركعا من باب صغير، فدخلوا من قبل أستاههم وقالوا حنطة، فذلك قوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ وهكذا روي عن عطاء ومجاهد وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس ويحيى بن رافع.

وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل فأمروا أن يدخلوا سجدا فدخلوا يزحفون على أستاههم من قبل أستاههم رافعي رؤوسهم وأمروا أن يقولوا حطة أي أحطط عنا ذنوبنا وخطايانا، فاستهزأوا فقالوا حنطة في شعيرة، وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وهو خروجهم عن طاعته. ولهذا قال: ﴿فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ وقال الضحاك عن ابن عباس: كل شيء في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب، وهكذا روي عن مجاهد وأبي مالك والسدي والحسن وقتادة أنه العذاب، وقال أبو العالية: الرجز الغضب، وقال الشعبي: الرجز إما الطاعون وإما البرد، وقال سعيد بن جبير: هو الطاعون، وقال ابن أبي حاتم:

حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم بن سعد يعني ابن أبي وقاص عن سعد بن مالك وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت ، قالوا: قال رسول الله : «الطاعون رجز عذاب عذب به من كان قبلكم» وهكذا رواه النسائي من حديث سفيان الثوري به، وأصل الحديث في الصحيحين من حديث حبيب بن أبي ثابت «إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها» الحديث (١)، قال ابن جرير: أخبرني يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس عن الزهري، قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد عن رسول الله قال: «إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم» (٢) وهذا الحديث أصله مخرج في الصحيحين من حديث مالك عن محمد بن المنكدر وسالم بن أبي النضر عن عامر بن سعد بنحوه.

[[سورة البقرة (٢): آية ٦٠]]

﴿وَإِذِ اِسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اِثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاِشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠)

يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في إجابتي لنبيكم موسى حين استسقاني لكم وتيسيري لكم الماء وإخراجه لكم من حجر معكم وتفجيري الماء لكم منه من اثنتي عشرة عينا لكل سبط من أسباطكم عين قد عرفوها فكلوا من المن والسلوى واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم بلا سعي منكم ولا كد واعبدوا الذي سخر لكم ذلك ﴿وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾


(١) البخاري (طب باب ٣٠) ومسلم (سلام حديث ٩٢، ٩٣، ٩٤)
(٢) الطبري ١/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>