للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا» (١). وروى البيهقي من طريق سعدان بن نصر عن أبي معاوية عن الأعمش، عن أبيه قال: قال رسول الله :

«ما يخرج رجل صدقة حتى يفك لحي سبعين شيطانا».

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثنا سكين بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله «ما عال من اقتصد».

وقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ﴾ إخبارا أنه تعالى هو الرزاق القابض الباسط المتصرف في خلقه بما يشاء، فيغني من يشاء، ويفقر من يشاء لما له في ذلك من الحكمة، ولهذا قال: ﴿إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾ أي خبيرا بصيرا بمن يستحق الغنى ويستحق الفقر، كما جاء في الحديث «إن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه» وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجا، والفقر عقوبة، عياذا بالله من هذا وهذا.

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٣١]]

﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (٣١)

هذه الآية الكريمة دالة على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالد بولده، لأنه نهى عن قتل الأولاد كما أوصى الآباء بالأولاد في الميراث، وكان أهل الجاهلية لا يورثون البنات بل كان أحدهم ربما قتل ابنته لئلا تكثر عيلته، فنهى الله تعالى عن ذلك وقال: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ﴾ أي خوف أن تفتقروا في ثاني حال، ولهذا قدم الاهتمام برزقهم فقال: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيّاكُمْ﴾ وفي الأنعام ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ﴾ أي من فقر ﴿نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥١]. وقوله ﴿إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً﴾ أي ذنبا عظيما، وقرأ بعضهم:

كان خطأ كبيرا وهو بمعناه، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم: قال «إن تجعل لله ندا وهو خلقك-قلت: ثم أي؟ -قال: إن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك-قلت: ثم أي؟ -قال: إن تزاني بحليلة جارك» (٣).

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٣٢]]

﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (٣٢)

يقول تعالى ناهيا عباده عن الزنا وعن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً﴾


(١) أخرجه مسلم في البر حديث ٥٦.
(٢) المسند ١/ ٤٤٧.
(٣) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٢ باب ٣، وسورة ٢٥، باب ٢، والأدب باب ٢٠، والحدود باب ٢٠، والديات باب ١، والتوحيد باب ٤٠، ٤٦، ومسلم في الإيمان حديث ١٤١، ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>