للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عادة النساء في أقوالهن وأفعالهن عند التعجب ﴿قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ أي قالت الملائكة لها لا تعجبي من أمر الله فإنه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. فلا تعجبي من هذا وإن كنت عجوزا عقيما وبعلك شيخا كبيرا فإن الله على ما يشاء قدير.

﴿رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ أي هو الحميد في جميع أفعاله وأقواله محمود ممجد في صفاته وذاته، ولهذا ثبت في الصحيحين أنهم قالوا: قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ «قال قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد» (١).

[[سورة هود (١١): الآيات ٧٤ إلى ٧٦]]

﴿فَلَمّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)

يخبر تعالى عن إبراهيم أنه لما ذهب عنه الروع وهو ما أوجس من الملائكة خيفة حين لم يأكلوا وبشروه بعد ذلك بالولد وأخبروه بهلاك قوم لوط أخذ يقول كما قال سعيد بن جبير في الآية قال: لما جاءه جبريل ومن معه قالوا له: ﴿إِنّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ قال لهم: أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن؟ قالوا: لا، قال: أفتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن؟ قالوا: لا، قال أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنا؟ قالوا: لا، قال ثلاثون؟ قالوا: لا، حتى بلغ خمسة قالوا: لا، قال: أرأيتكم إن كان فيها رجل مسلم واحد أتهلكونها؟ قالوا: لا، فقال إبراهيم عند ذلك: ﴿إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ﴾ [العنكبوت: ٣٢] الآية. فسكت عنهم واطمأنت نفسه (٢).

وقال قتادة وغيره قريبا من هذا زاد ابن إسحاق أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد؟ قالوا: لا، قال: فإن كان فيها لوط يدفع به عنهم العذاب قالوا: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها﴾ [العنكبوت: ٣٢] الآية، وقوله: ﴿إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ﴾ مدح لإبراهيم بهذه الصفات الجميلة، وقد تقدم تفسيرها، وقوله تعالى: ﴿يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ الآية، أي أنه قد نفذ فيهم القضاء وحقت عليهم الكلمة بالهلاك وحلول البأس الذي لا يرد عن القوم المجرمين.

[[سورة هود (١١): الآيات ٧٧ إلى ٧٩]]

﴿وَلَمّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩)


(١) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ١٠، ومسلم في الصلاة حديث ٦٥، ٦٦، ٦٩.
(٢) انظر تفسير الطبري ٧/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>