طلبوا وجدوا ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم ثم قال تعالى مخبرا خبرا مستأنفا: ﴿إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ أي هذا جزاؤنا لمن أحسن العمل ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ خطاب للمكذبين بيوم الدين وأمرهم أمر تهديد ووعيد فقال تعالى: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً﴾ أي مدة قليلة قريبة قصيرة ﴿إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ أي ثم تساقون إلى نار جهنم التي تقدم ذكرها ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ كما قال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤]: وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يونس: ٦٩ - ٧٠] وقوله تعالى: ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾ أي إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه، ولهذا قال تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ ثم قال تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ أي إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأي كلام يؤمنون به؟ كقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الجاثية: ٦].
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية:
سمعت رجلا أعرابيا بدويا يقول: سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ ﴿وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً﴾ -فقرأ- ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾؟ فليقل آمنت بالله وبما أنزل. وقد تقدم هذا الحديث في سورة القيامة.
آخر تفسير سورة المرسلات، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة.
يقول تعالى منكرا على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكارا لوقوعها ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ أي عن أي شيء يتساءلون عن أمر القيامة وهو النبأ العظيم، يعني