للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسماء الخمر، قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وابن زيد، قال الإمام أحمد (١): حدثنا حسن، حدثنا زهير عن سعد أبي المجاهد الطائي عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري أراه قد رفعه إلى النبي قال: «أيما مؤمن سقى مؤمنا شربة ماء على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مؤمن كسا مؤمنا ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة» وقال ابن مسعود في قوله: ﴿خِتامُهُ مِسْكٌ﴾ أي خلطه مسك، وقال العوفي عن ابن عباس:

طيب الله لهم الخمر فكان آخر شيء جعل فيها مسك ختم بمسك، وكذا قال قتادة والضحاك، وقال إبراهيم والحسن ﴿خِتامُهُ مِسْكٌ﴾ أي عاقبته مسك.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد (٢)، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا أبو حمزة عن جابر عن عبد الرّحمن بن سابط، عن أبي الدرداء ﴿خِتامُهُ مِسْكٌ﴾ قال: شراب أبيض مثل الفضة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل إصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد ﴿خِتامُهُ مِسْكٌ﴾ قال: طيبه مسك.

وقوله تعالى: ﴿وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ﴾ أي وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباهى ويكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون، كقوله تعالى: ﴿لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم أي من شراب يقال له تسنيم، وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه، قاله أبو صالح والضحاك، ولهذا قال: ﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ أي يشربها المقربون صرفا وتمزج لأصحاب اليمين مزجا، قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق وقتادة وغيرهم.

[[سورة المطففين (٨٣): الآيات ٢٩ إلى ٣٦]]

﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا اِنْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ اِنْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)

يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين، أي يستهزئون بهم ويحتقرونهم، وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم، أي محتقرين لهم ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ أي إذا انقلب أي رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم انقلبوا إليها فاكهين أي مهما طلبوا وجدوا، ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحقرونهم ويحسدونهم ﴿وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ﴾ أي لكونهم على غير دينهم.

قال الله تعالى: ﴿وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ﴾ أي وما بعث هؤلاء المجرمون حافظين على


(١) المسند ٣/ ١٣، ١٤.
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>