للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخيك، قال: يا رب، فإني قد عفوت عنه، قال الله تعالى: خذ بيد أخيك، فادخلا الجنة». ثم قال رسول الله «فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة».

[[سورة الأنفال (٨): الآيات ٢ إلى ٤]]

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾. قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه.

ولا يؤمنون بشيء من آيات الله ولا يتوكلون ولا يصلون إذا غابوا ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف الله المؤمنين فقال ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ فأدوا فرائضه ﴿وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً﴾ يقول زادتهم تصديقا ﴿وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ يقول لا يرجون غيره (١).

وقال مجاهد ﴿وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ فرقت أي فزعت وخافت، وكذا قال السدي وغير واحد (٢)، وهذه صفة المؤمن حق المؤمن الذي إذا ذكر الله وجل قلبه أي خاف منه، ففعل أوامره وترك زواجره، كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، [آل عمران: ١٣٥] وكقوله تعالى: ﴿وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى﴾ [النازعات: ٤ - ٥] ولهذا قال سفيان الثوري: سمعت السدي يقول في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾. قال: هو الرجل يريد أن يظلم أو قال يهم بمعصية فيقال له: اتق الله فيجل قلبه.

وقال الثوري أيضا عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أمّ الدرداء في قوله ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ قال: الوجل في القلب كاحتراق السعفة، أما تجد له قشعريرة؟ قال: بلى. قالت: إذا وجدت ذلك فادع الله عند ذلك، فإن الدعاء يذهب ذلك (٣).

وقوله ﴿وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً﴾، كقوله ﴿وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: ٩].


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٧٨.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ١٧٨.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>