للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا غريب أيضا جدا. وعن ابن عباس: الويل المشقة من العذاب، وقال الخليل بن أحمد:

الويل شدة الشر، وقال سيبويه: ويل لمن وقع في الهلكة، وويح لمن أشرف عليها، وقال الأصمعي: الويل تفجع، والويح ترحم، وقال غيره: الويل: الحزن، وقال الخليل: وفي معنى ويل: ويح وويش وويه وويك وويب، ومنهم من فرق بينها، وقال بعض النحاة: إنما جاز الابتداء بها وهي نكرة لأن فيها معنى الدعاء، ومنهم من جوز نصبها بمعنى: ألزمهم ويلا (قلت) لكن لم يقرأ بذلك أحد، وعن عكرمة عن ابن عباس ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ قال: هم أحبار اليهود، وكذا قال سعيد عن قتادة: هم اليهود، وقال سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن علقمة: سألت ابن عباس ، عن قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ قال: نزلت في المشركين وأهل الكتاب، وقال السدي: كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب ويحدثونهم أنه من عند الله فيأخذوا به ثمنا قليلا، وقال الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتاب الله الذي أنزله على نبيه أحدث أخبار الله تقرأونه غضا لم يشب وقد حدثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل عليكم، رواه البخاري من طرق عن الزهري. وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: الثمن القليل الدنيا بحذافيرها. وقوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا يَكْسِبُونَ﴾ أي فويل لهم مما كتبوا بأيديهم من الكذب والبهتان والافتراء، وويل لهم مما أكلوا به من السحت، كما قال الضحاك عن ابن عباس ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ﴾ يقول: فالعذاب عليهم من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب، وويل لهم مما يكسبون يقول مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم.

[[سورة البقرة (٢): آية ٨٠]]

﴿وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠)

يقول تعالى إخبارا عن اليهود فيما نقلوه وادعوه لأنفسهم من أنهم لن تمسهم النار إلا أياما معدودة، ثم ينجون منها، فرد الله عليهم ذلك بقوله تعالى ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً﴾ أي بذلك، فإن كان قد وقع عهد فهو لا يخلف عهده، ولكن هذا ما جرى ولا كان، ولهذا أتى بأم التي بمعنى بل، أي بل تقولون على الله ما لا تعلمون من الكذب والافتراء عليه.

قال محمد بن إسحاق عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، عن ابن عباس: أن اليهود كانوا يقولون أن هذه الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما في النار وإنما هي سبعة أيام معدودة فأنزل الله تعالى ﴿وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً﴾ إلى قوله ﴿خالِدُونَ﴾ ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>