يقول تعالى: ﴿إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ وذلك يوم القيامة ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّها﴾ أي: استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق وذلك يوم القيامة ﴿وَحُقَّتْ﴾ أي وحق لها أن تطيع أمره لأنه العظيم الذي لا يمانع ولا يغالب بل قد قهر كل شيء وذل له كل شيء، ثم قال: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾ أي: بسطت وفرشت ووسعت.
قال ابن جرير (١): حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري، عن علي بن الحسين أن النبي ﷺ قال:«إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه فأكون أول من يدعى وجبريل عن يمين الرّحمن والله ما رآه قبلها، فأقول يا رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي فيقول الله ﷿ صدق ثم أشفع، فأقول: يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض-قال-وهو المقام المحمود».
وقوله تعالى: ﴿وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ﴾ أي ألقت ما في بطنها من الأموات وتخلت منهم، قاله مجاهد وسعيد وقتادة ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ﴾ كما تقدم.
وقوله: ﴿يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً﴾ أي إنك ساع إلى ربك سعيا وعامل عملا ﴿فَمُلاقِيهِ﴾ ثم إنك ستلقى ما عملت من خير أو شر. ويشهد لذلك ما رواه أبو داود الطيالسي عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله ﷺ: «قال جبريل يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه» ومن الناس من يعيد الضمير على قوله ﴿رَبِّكَ﴾ أي فملاق ربك، ومعناه فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك، وعلى هذا فكلا القولين متلازم، قال العوفي عن ابن عباس ﴿يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً﴾ يقول: تعمل عملا تلقى الله به خيرا كان أو شرا.
وقال قتادة: ﴿يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً﴾ إن كدحك يا ابن آدم لضعيف فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ولا قوة إلا بالله ثم قال تعالى: ﴿فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً﴾ أي سهلا بلا تعسير أي لا يحقق عليه جميع دقائق