للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَلا تُسْرِفُوا﴾ يقول: ولا تأكلوا حراما ذلك الإسراف، وقال عطاء الخراساني عن ابن عباس قوله ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ في الطعام والشراب، وقال ابن جرير (١): وقوله ﴿إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ يقول الله تعالى: إن الله لا يحب المتعدين حده في حلال أو حرام الغالين فيما أحل بإحلال الحرام أو بتحريم الحلال، ولكنه يحب أن يحلل ما أحل ويحرم ما حرم وذلك العدل الذي أمر به.

[[سورة الأعراف (٧): آية ٣٢]]

﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢)

يقول تعالى ردا على من حرم شيئا من المآكل أو المشارب أو الملابس من تلقاء نفسه من غير شرع من الله ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين، الذين يحرمون ما يحرمون بآرائهم الفاسدة وابتداعهم ﴿مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ﴾ الآية، أي هي مخلوقة لمن آمن بالله وعبده في الحياة الدنيا، وإن شركهم فيها الكفار حبا في الدنيا فهي لهم خاصة يوم القيامة، ولا يشركهم فيها أحد من الكفار، فإن الجنة محرمة على الكافرين.

قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين القاضي، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل الله ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ﴾ فأمروا بالثياب (٢).

[[سورة الأعراف (٧): آية ٣٣]]

﴿قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣)

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله «لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله» (٣) أخرجاه في الصحيحين من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن شقيق عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود، وتقدم الكلام على ما يتعلق بالفواحش ما ظهر منها وما بطن في سورة الأنعام.


(١) انظر تفسير الطبري ٥/ ٤٧٢.
(٢) انظر الدر المنثور للسيوطي ٣/ ١٥٠، وفيه: فأمروا بالثياب أن يلبسوها.
(٣) أخرجه البخاري في النكاح باب ١٠٧، والتوحيد باب ١٥، وتفسير سورة ٦، باب ٧، وسورة ٧، باب ١، ومسلم في التوبة حديث ٣٢، ٣٣، ٣٤، ٣٥، والترمذي في الدعوات باب ٩٥، والدارمي في النكاح باب ٣٧، وأحمد في المسند ١/ ٣٨١، ٤٢٦، ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>