للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: ﴿إِنّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ﴾ [يس:١٢] الآية. والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضا من سعيه وعمله.

وثبت في الصحيح «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا» (١). وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى﴾ أي يوم القيامة كقوله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥] أي فيخبركم به ويجزيكم عليه أتم الجزاء إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وهكذا قال هاهنا: ﴿ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى﴾ أي الأوفر.

[[سورة النجم (٥٣): الآيات ٤٢ إلى ٥٥]]

﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشّاها ما غَشّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥)

يقول تعالى: ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى﴾ أي المعاد يوم القيامة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مسلم بن خالد عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود إني رسول رسول الله إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الله إلى الجنة أو النار.

وذكر البغوي من رواية أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب عن النبي في قوله: ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى﴾ قال: لا فكرة في الرب. قال البغوي: وهذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعا «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنه لا تحيط به الفكرة».

كذا أورده وليس بمحفوظ بهذا اللفظ، وإنما الذي في الصحيح «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته» (٢) وفي الحديث الآخر الذي في السنن «تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذات الله تعالى فإن الله خلق ملكا ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة ثلاثمائة سنة» أو كما قال:

وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى﴾ أي خلق في عباده الضحك والبكاء وسببهما


(١) أخرجه أبو داود في السنة باب ٦، والنسائي في الزكاة باب ٦٤، وابن ماجة في المقدمة باب ١٤، ١٥، وأحمد في المسند ٢/ ٣٨٠، ٣٩٧، ٥٠٥، ٥٢١.
(٢) أخرجه البخاري في بدء الخلق باب ١١، ومسلم في الإيمان حديث ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>