للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق» ورواه النسائي في اليوم والليلة عن زياد بن أيوب عن مروان بن معاوية عن عبد الواحد بن أيمن عن عبيد بن رفاعة عن أبيه به.

وفي الحديث المرفوع: «من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن» (١) ثم قال: ﴿فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً﴾ أي هذا العطاء الذي منحكموه هو فضل منه عليكم ونعمة من لدنه ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أي عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.

[[سورة الحجرات (٤٩): الآيات ٩ إلى ١٠]]

﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاِتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)

يقول تعالى آمرا بالإصلاح بين الفئتين الباغين بعضهم على بعض: ﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما﴾ فسماهم مؤمنين مع الاقتتال، وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم، وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن عن أبي بكرة قال: إن رسول الله خطب يوما، ومعه على المنبر الحسن بن علي ، فجعل ينظر إليه مرة، وإلى الناس أخرى ويقول: «إن ابني هذا سيد ولعل الله تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (٢). فكان كما قال صلوات الله وسلامه عليه، أصلح الله به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة، والواقعات المهولة.

وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ﴾ أي حتى ترجع إلى أمر الله ورسوله، وتسمع للحق وتطيعه، كما ثبت في الصحيح عن أنس ، أن رسول الله قال: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» قلت: يا رسول الله، هذا نصرته مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟ قال : «تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه» (٣).

وقال الإمام أحمد (٤): حدثنا عارم، حدثنا معتمر قال: سمعت أبي يحدث أن أنسا قال: قيل للنبي ، لو أتيت عبد الله بن أبي، فانطلق إليه النبي ، وركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سبخة، فلما انطلق النبي إليه قال: «إليك عني فوالله لقد آذاني ريح حمارك» فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله أطيب


(١) أخرجه الترمذي في الفتن باب ٧، وأحمد في المسند ١/ ١٨، ٢٦، ٣/ ٤٤٦.
(٢) أخرجه البخاري في الصلح باب ٩.
(٣) أخرجه البخاري في المظالم باب ٤، ومسلم في البر حديث ٦٢، والترمذي في الفتن باب ٦٨.
(٤) المسند ٣/ ١٥٧، ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>