للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدناهم كاذبا إلّهم … وذو الإلّ والعهد لا يكذب (١)

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: ﴿لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ﴾، قال: الإل الله، وفي رواية لا يرقبون الله ولا غيره. وقال ابن جرير (٢): حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية عن سليمان عن أبي مجلز في قوله تعالى: ﴿لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً﴾ [التوبة: ١٠] مثل قوله جبريل ميكائيل إسرافيل كأنه يقول لا يرقبون الله، والقول الأول أظهر وأشهر وعليه الأكثر. وعن مجاهد أيضا الإل العهد. وقال قتادة: الإل الحلف.

[[سورة التوبة (٩): الآيات ٩ إلى ١١]]

﴿اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١)

يقول تعالى ذما للمشركين وحثا للمؤمنين على قتالهم ﴿اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ يعني أنهم اعتاضوا عن اتباع آيات الله بما التهوا به من أمور الدنيا الخسيسة ﴿فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ﴾ أي منعوا المؤمنين من اتباع الحق ﴿إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً﴾ تقدم تفسيره وكذا الآية التي بعدها ﴿فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ﴾ إلى آخرها تقدمت.

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى بن أبي بكر، حدثنا أبو جعفر الرازي، حدثنا الربيع بن أنس قال: سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله : «من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته لا يشرك به، وأقام الصلاة وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض» وهو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم، قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء وتصديق ذلك في كتاب الله ﴿فَإِنْ تابُوا﴾ يقول فإن خلعوا الأوثان وعبادتها ﴿وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥] وقال في آية أخرى ﴿فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ ثم قال البزار: آخر الحديث عندي والله أعلم فارقها وهو عنه راض وباقيه عندي من كلام الربيع بن أنس.

[[سورة التوبة (٩): آية ١٢]]

﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢)

يقول تعالى وإن نكث المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم أي عهودهم ومواثيقهم ﴿وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ﴾ أي عابوه وانتقصوه، ومن هاهنا أخذ قتل من سب الرسول


(١) البيت ليس في ديوان حسان بن ثابت، وهو بلا نسبة في تفسير الطبري ٦/ ٣٢٧.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>