للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدا ، فهدى الخلائق وأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وتركهم على المحجة البيضاء والشريعة الغراء، ولهذا قال تعالى: ﴿أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ﴾ أي لئلا تحتجوا وتقولوا يا أيها الذين بدلوا دينهم وغيروه ما جاءنا من رسول يبشر بالخير وينذر من الشر، فقد جاءكم بشير ونذير يعني محمدا ، ﴿وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قال ابن جرير:

معناه إني قادر على عقاب من عصاني، وثواب من أطاعني (١).

[[سورة المائدة (٥): الآيات ٢٠ إلى ٢٦]]

﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) يا قَوْمِ اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبّارِينَ وَإِنّا لَنْ نَدْخُلَها حَتّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا اُدْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يا مُوسى إِنّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤) قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥) قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦)

يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران فيما ذكر به قومه من نعم الله عليهم وآلائه لديهم في جمعه لهم خير الدنيا والآخرة: لو استقاموا على طريقتهم المستقيمة، فقال تعالى: ﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ﴾ أي كلما هلك نبي قام فيكم نبي من لدن أبيكم إبراهيم إلى من بعده، وكذلك كانوا لا يزال فيهم الأنبياء يدعون إلى الله ويحذرون نقمته حتى ختموا بعيسى ابن مريم ، ثم أوحى الله إلى خاتم الأنبياء والرسل على الإطلاق محمد بن عبد الله المنسوب إلى إسماعيل بن إبراهيم ، وهو أشرف من كل من تقدمه منهم .

وقوله ﴿وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً﴾ قال عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن الحكم أو غيره، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً﴾، قال: الخادم والمرأة والبيت (٢). وروى الحاكم في مستدركه من حديث الثوري أيضا عن الأعمش، عن مجاهد عن ابن عباس قال: المرأة والخادم ﴿وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ﴾ قال: الذين هم بين ظهرانيهم يومئذ. ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له الزوجة والخادم والدار، سمي ملكا. وقال ابن


(١) تفسير الطبري ٤/ ٥٠٨.
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٥١٠ وفيه «الزوجة» مكان «المرأة».

<<  <  ج: ص:  >  >>