للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم بإهلاكهم ودمارهم، وقال السدي ﴿فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ﴾ يعني بدارهم ﴿فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم. ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث إسماعيل ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: صبح رسول الله خيبر فلما خرجوا بفئوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا وهم يقولون: محمد والله محمد والخميس فقال النبي : «الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» (١) ورواه البخاري من حديث مالك عن حميد عن أنس .

وقال الإمام أحمد (٢) حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال: لما صبح رسول الله خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم وأرضهم، فلما رأوا النبي نكصوا مدبرين فقال نبي الله : «الله أكبر الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» لم يخرجوه من هذه الوجه وهو صحيح على شرط الشيخين، وقوله تعالى: ﴿وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك والله أعلم.

[[سورة الصافات (٣٧): الآيات ١٨٠ إلى ١٨٢]]

﴿سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)

ينزه نفسه ويقدسها ويبرئها عما يقول الظالمون المكذبون المعتدون تعالى وتنزه وتقدس عن قولهم علوا كبيرا ولهذا قال : ﴿سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ أي ذي العزة التي لا ترام ﴿عَمّا يَصِفُونَ﴾ أي عن قول هؤلاء المعتدين المفترين ﴿وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ أي سلام الله عليهم في الدنيا والآخرة لسلامة ما قالوه في ربهم وصحته وحقيّته ﴿وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ أي له الحمد في الأولى والآخرة في كل حال، ولما كان التسبيح يتضمن التنزيه والتبرئة من النقص بدلالة المطابقة ويستلزم إثبات الكمال كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال مطابقة ويستلزم التنزيه من النقص قرن بينهما في هذا الموضع وفي مواضع كثيرة من القرآن ولهذا قال : ﴿سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾، وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قال رسول الله : «إذا سلمتم عليّ فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين». هكذا


(١) أخرجه البخاري في الصلاة باب ١٢، والأذان باب ٦، وصلاة الخوف باب ٦، والجهاد باب ١٣٠، والمناقب باب ٢٨، والمغازي باب ٣٨، ومسلم في الجهاد حديث ١٢٠، ١٢١، والترمذي في السير باب ٣، والنسائي في المواقيت باب ٢٦، والنكاح باب ٧٩، والصيد باب ٧٨، ومالك في الجهاد حديث ٤٨، وأحمد في المسند ٣/ ١٠٢، ١١١، ١٦٤، ١٨٦، ٢٠٦، ٢٤٦، ٢٦٣.
(٢) المسند ٤/ ٢٨ - ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>