للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع الجيران، وجعل الله فيها بركة وخيرا كثيرا.

[[سورة آل عمران (٣): الآيات ٣٨ إلى ٤١]]

﴿هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٨) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ (٣٩) قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَاِمْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠) قالَ رَبِّ اِجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً وَاُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١)

لما رأى زكريا أن الله يرزق مريم فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، طمع حينئذ في الولد وكان شيخا كبيرا قد وهن منه العظم واشتعل الرأس شيبا، وكانت امرأته مع ذلك كبيرة وعاقرا، لكنه مع هذا كله سأل ربه وناداه نداء خفيا، وقال ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ﴾ أي من عندك ﴿ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ أي ولدا صالحا ﴿إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ﴾.

قال تعالى: ﴿فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ﴾ أي خاطبته الملائكة شفاها خطابا، أسمعته وهو قائم يصلي في محراب عبادته ومحل خلوته ومجلس مناجاته وصلاته. ثم أخبر تعالى عما بشرته به الملائكة ﴿أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى﴾ أي بولد يوجد لك من صلبك اسمه يحيى. قال قتادة وغيره: إنما سمي يحيى لأن الله أحياه بالإيمان.

وقوله ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ﴾. روى العوفي وغيره عن ابن عباس، وقال الحسن وقتادة وعكرمة ومجاهد وأبو الشعثاء والسدي والربيع بن أنس والضحاك وغيره في هذه الآية ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ﴾ أي بعيسى ابن مريم. وقال الربيع بن أنس: هو أول من صدق بعيسى ابن مريم.

وقال قتادة: وعلى سننه ومنهاجه. وقال ابن جريج: قال ابن عباس في قوله ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ﴾، قال: كان يحيى وعيسى ابني خالة، وكانت أم يحيى تقول لمريم: إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك، فذلك تصديقه بعيسى تصديقه (١) له في بطن أمه، وهو أول من صدق عيسى، وكلمة الله عيسى، وهو أكبر من عيسى ، وهكذا قال السدي أيضا.

قوله: ﴿وَسَيِّداً﴾ قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة وسعيد بن جبير وغيرهم: الحكيم.

قال قتادة: سيدا في العلم والعبادة. وقال ابن عباس والثوري والضحاك: السيد الحكيم التقي.

قال سعيد بن المسيب: هو الفقيه العالم. وقال عطية: السيد في خلقه ودينه. وقال عكرمة:

هو الذي لا يغلبه الغضب. وقال ابن زيد: هو الشريف. وقال مجاهد وغيره: هو الكريم على الله ﷿.

وقوله: ﴿وَحَصُوراً﴾ روي عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير


(١) في الطبري «سجوده له في بطن أمه».

<<  <  ج: ص:  >  >>