وأبي الشعثاء وعطية العوفي، أنهم قالوا: الذي لا يأتي النساء. وعن أبي العالية والربيع بن أنس: هو الذي لا يولد له وقال الضحاك: هو الذي لا ولد له ولا ماء له أو قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، أنبأنا جرير عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس في الحصور: الذي لا ينزل الماء. وقد روى ابن أبي حاتم في هذا حديثا غريبا جدا، فقال: حدثنا أبو جعفر محمد بن غالب البغدادي، حدثني سعيد بن سليمان، حدثنا عباد يعني ابن العوام، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن ابن العاص-لا يدري عبد الله أو عمرو-عن النبي ﷺ في قوله: ﴿وَسَيِّداً وَحَصُوراً﴾ قال: ثم تناول شيئا من الأرض، فقال «كان ذكره مثل هذا» ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري، أنه سمع سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: ليس أحد من خلق الله لا يلقاه بذنب غير يحيى بن زكريا. ثم قرأ سعيد ﴿وَسَيِّداً وَحَصُوراً﴾ ثم أخذ شيئا من الأرض، فقال: الحصور من كان ذكره مثل ذا. وأشار يحيى بن سعيد القطان بطرف إصبعه السبابة، فهذا موقوف أصح إسنادا من المرفوع بل وفي صحة المرفوع نظر والله أعلم.
ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا أحمد بن داود السمناني، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله ﷺ«ما من عبد يلقى الله إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا، فإن الله يقول ﴿وَسَيِّداً وَحَصُوراً﴾ قال: «وإنما ذكره مثل هدبة الثوب» وأشار بأنملته، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عيسى بن حماد ومحمد بن سلمة المرادي قالا: حدثنا حجاج بن سليمان المقري عن الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال «كل ابن آدم يلقى الله بذنب يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه، إلا يحيى بن زكريا فإنه كان سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين» ثم أهوى النبي ﷺ إلى قذاة من الأرض، فأخذها وقال:«وكان ذكره مثل هذه القذاة».
وقد قال القاضي عياض في كتابه الشفاء: اعلم أن ثناء الله تعالى على يحيى أنه كان ﴿حَصُوراً﴾ ليس كما قاله بعضهم إنه كان هيوبا أو لا ذكر له، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين، ونقاد العلماء، وقالوا: هذه نقيصة وعيب، ولا تليق بالأنبياء ﵈، وإنما معناه أنه معصوم من الذنوب، أي لا يأتيها كأنه حصر عنها. وقيل مانعا نفسه من الشهوات. وقيل ليست له شهوة في النساء، وقد بان لك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص، وإنما الفضل في كونها موجودة، ثم يمنعها إما بمجاهدة كعيسى، أو بكفاية من الله ﷿ كيحيى ﵇، ثم هي في حق من قدر عليها، وقام بالواجب فيها، ولم تشغله عن ربه درجة عليا، وهي درجة نبينا ﷺ الذي لم يشغله كثرتهن عن عبادة ربه، بل زاده ذلك عبادة بتحصينهن وقيامه عليهن وإكسابه لهن وهدايته إياهن، بل قد صرح أنها ليست من حظوظ دنياه هو، وإن كانت من