للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ «هَلْ لَكَ إِلَى بَيْعَةٍ، ولك الجنة؟» قلت: نعم، وَبَسَطْتُ يَدَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وهو يشترط علي «أن لا تَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ «وَلَا سَوْطَكَ وَإِنْ سَقَطَ مِنْكَ» . يَعْنِي تَنْزِلُ إِلَيْهِ فتأخذه.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحسن، حدثنا جعفر عن المعلى الفردوسي، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلَّا لَا يَمْنَعْنَ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجْلٍ وَلَا يُبَاعِدُ مَنْ رزق أن يقول بحق أو أن يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

وَقَالَ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ أَنْ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ فِيهِ مَقَالٌ فَلَا يَقُولُ فِيهِ فَيُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكُونَ قُلْتَ فِيَّ كَذَا وَكَذَا؟

فَيَقُولُ: مَخَافَةَ النَّاسِ، فَيَقُولُ: إِيَّايَ أَحَقُّ أَنْ تَخَافَ» . وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «٣» مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِهِ.

وَرَوَى أَحْمَدُ «٤» وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمن أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ نَهَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدِيِّ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال «إن اللَّهَ لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى إِنَّهُ ليسأله يقول له: أي عبدي أرأيت مُنْكَرًا فَلَمْ تُنْكِرْهُ؟ فَإِذَا لَقَّنَ اللَّهُ عَبْدًا حُجَّتَهُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ وَثِقْتُ بِكَ، وَخِفْتُ الناس» .

وثبت في الصحيح «ما ينبغي للمؤمن أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ «يَتَحَمَّلُ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ» .

ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ أَيْ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَتَوْفِيقِهِ لَهُ، وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ أَيْ وَاسْعُ الْفَضْلِ، عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ مِمَّنْ يَحْرِمُهُ إِيَّاهُ.

وقوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَيْ لَيْسَ الْيَهُودُ بِأَوْلِيَائِكُمْ، بَلْ وِلَايَتُكُمْ رَاجِعَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَقَوْلُهُ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ مِنْ إِقَامِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ الَّتِي هي حق المخلوقين ومساعدة للمحتاجين وَالْمَسَاكِينِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَهُمْ راكِعُونَ فَقَدْ تَوَهَّمَ بعض الناس أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ قوله


(١) مسند أحمد ٣/ ٥٠.
(٢) مسند أحمد ٣/ ٧٣.
(٣) سنن ابن ماجة (فتن باب ٢٠) .
(٤) مسند أحمد ٣/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>