فقال له «ما هي؟» قال: تصوم وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال «يا أبا عبد الله هذه مؤمنة». فقال: والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمته وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين، وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ … ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾.
وقال عبد بن حميد: حدثنا جعفر بن زياد الإفريقي عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ، قال «لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تنكحوهن عن أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، وأنكحوهن على الدين، فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل» والإفريقي ضعيف، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي ﷺ، قال «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك» ولمسلم عن جابر مثله، وله عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة».
وقوله ﴿وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا﴾ أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات، كما قال تعالى: ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ، وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠] ثم قال تعالى: ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾ أي ولرجل مؤمن-ولو كان عبدا حبشيا- خير من مشرك، وإن كان رئيسا سريا ﴿أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النّارِ﴾ أي معاشرتهم ومخالطتهم، تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة، وعاقبة ذلك وخيمة ﴿وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ﴾ أي بشرعه وما أمر به وما نهى عنه ﴿وَيُبَيِّنُ﴾ الله ﴿آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾.
قال الإمام أحمد (١): حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس، أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي ﷺ، فأنزل الله ﷿ ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ﴾ حتى فرغ من الآية، فقال رسول الله ﷺ«اصنعوا كل شيء إلا النكاح» فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا، إلا خالفنا فيه،