وروي أيضا من حديث عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا «قال الله: من أغبط أوليائي عندي مؤمن خفيف الحاذ، ذو حظ من صلاة، أحسن عبادة ربه وأطاعه في السر، وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع إن صبر على ذلك» قال: ثم أنفذ رسول الله ﷺ بيده، وقال «عجلت منيته، وقل تراثه، وقلت بواكيه» وعن عبد الله بن عمرو قال: أحب عباد الله إلى الله الغرباء، قيل: ومن الغرباء؟ قال: الفرارون بدينهم يجمعون يوم القيامة إلى عيسى ابن مريم.
وقال الفضيل بن عياض: بلغني أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ألم أنعم عليك، ألم أعطك، ألم أسترك؟ ألم … ألم … ألم أخمل ذكرك. ثم قال الفضيل: إن استطعت ألا تعرف فافعل، وما عليك أن لا يثنى عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس محمودا عند الله. وكان ابن محيريز يقول: اللهم إني أسألك ذكرا خاملا. وكان الخليل بن أحمد يقول:
اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك، واجعلني في نفسي من أوضع خلقك. وعند الناس من أوسط خلقك.
[(باب ما جاء في الشهرة)]
ثم قال: حدثنا أحمد بن عيسى المصري، حدثنا ابن وهب عن عمر بن الحارث وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد عن أنس عن رسول الله ﷺ أنه قال: حسب امرئ من الشر إلا من عصم الله أن يشير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه، وإن الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم» وروي مثله عن إسحاق بن البهلول عن ابن أبي فديك، عن محمد بن عبد الواحد الأخنسي، عن عبد الواحد بن أبي كثير عن جابر بن عبد الله مرفوعا مثله، وروي عن الحسن مرسلا نحوه فقيل للحسن: فإنه يشار إليك بالأصابع، فقال: إنما المراد من يشار إليه في دينه بالبدعة وفي دنياه بالفسق.
وعن علي ﵁ قال: لا تبدأ لأن تشتهر، ولا ترفع شخصك لتذكر، وتعلم واكتم، واصمت تسلم، تسر الأبرار وتغيظ الفجار. وقال إبراهيم بن أدهم ﵀: ما صدق الله من أحب الشهرة. وقال أيوب: ما صدق الله عبد إلا سره أن لا يشعر بمكانه. وقال محمد بن العلاء: من أحب الله أحب أن لا يعرفه الناس. وقال سماك بن سلمة: إياك وكثرة الأخلاء وقال أبان بن عثمان: إن أحببت أن يسلم إليك دينك فأقل من المعارف. كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة نهض وتركهم.
وقال: حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة عن عوف عن أبي رجاء قال: رأى طلحة قوما يمشون معه فقال: ذباب طمع وفراش النار.