للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدارك أو لغيرها والله أعلم.

فأما غير هؤلاء فقد قال الله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة: ١٠١]، وقال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاّ قَلِيلاً. مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً﴾ [الأحزاب: ٦٠ - ٦١] ففيها دليل على أنه لم يغربهم ولم يدرك على أعيانهم وإنما كان تذكر له صفاتهم فيتوسمها في بعضهم كما قال تعالى ﴿وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ. وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠] وقد كان من أشهرهم بالنفاق عبد الله بن أبي بن سلول، وقد شهد عليه زيد بن أرقم بذلك الكلام الذي سبق في صفات المنافقين ومع هذا لما مات صلّى عليه النبي وشهد دفنه كما يفعل ببقية المسلمين، وقد عاتبه عمر بن الخطاب فيه فقال: «إني أكره أن تتحدث العرب أن محمدا يقتل أصحابه» وفي رواية في الصحيح «إني خيرت فاخترت» وفي رواية «لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر له لزدت».

[[سورة البقرة (٢): الآيات ١١ إلى ١٢]]

﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢)

قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الطيب الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ قال: هم المنافقون. أما (لا تفسدوا في الأرض) قال: الفساد هو الكفر والعمل بالمعصية. وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ قال: يعني لا تعصوا في الأرض وكان فسادهم ذلك معصية الله لأنه من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصيته فقد أفسد في الأرض لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة (١). وهكذا قال الربيع بن أنس وقتادة. وقال ابن جريج عن مجاهد ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ قال: إذا ركبوا معصية الله فقيل لهم لا تفعلوا كذا وكذا قالوا: إنما نحن على الهدى مصلحون (٢)، وقال وكيع وعيسى بن يونس وعثمان بن علي عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأزدي عن سلمان الفارسي ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ قال سلمان: لم يجئ أهل هذه الآية بعد. وقال ابن جرير (٣) حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا عبد الرحمن بن شريك حدثني أبي عن الأعمش عن زيد بن وهب وغيره عن سلمان الفارسي في هذه الآية قال: ما جاء هؤلاء بعد؟ قال ابن جرير:


(١) تفسير الطبري ١/ ١٥٩.
(٢) تفسير الطبري ١/ ١٦٠.
(٣) تفسير الطبري ١/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>