للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم عن همام بن الحارث قال: جاء رجل إلى عثمان فأثنى عليه في وجهه قال: فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب ويقول: أمرنا رسول الله إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب (١). ورواه مسلم وأبو داود من حديث الثوري عن منصور به.

[[سورة النجم (٥٣): الآيات ٣٣ إلى ٤١]]

﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى (٣٧) أَلاّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١)

يقول تعالى ذاما لمن تولى عن طاعة الله: ﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى﴾ [القيامة: ٣١] ﴿وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى﴾ [القيامة: ٣٢] قال ابن عباس: أطاع قليلا ثم قطعه (٢)، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة وغير واحد. قال عكرمة وسعيد: كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئرا، فيجدون في أثناء الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل فيقولون أكدينا ويتركون العمل.

وقوله تعالى: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى﴾ أي أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق وقطع معروفه، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده حتى قد أمسك عن معروفه فهو يرى ذلك عيانا؟ أي ليس الأمر كذلك. وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة بخلا وشحا وهلعا، ولهذا جاء في الحديث «أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا» وقد قال الله تعالى ﴿وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾ [سبأ: ٣٩] وقوله تعالى: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى﴾ قال سعيد بن جبير والثوري: أي بلغ جميع ما أمر به، وقال ابن عباس ﴿وَفّى﴾ لله بالبلاغ، وقال سعيد بن جبير ﴿وَفّى﴾ ما أمر به، وقال قتادة ﴿وَفّى﴾ طاعة الله وأدى رسالته إلى خلقه وهذا القول هو اختيار ابن جرير، وهو يشمل الذي قبله ويشهد له قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً﴾ [البقرة: ١٢٤] فقام بجميع الأوامر وترك جميع النواهي وبلغ الرسالة على التمام والكمال، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماما يقتدى به في جميع أحواله وأقواله وأفعاله. قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: ١٢٣].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: تلا رسول الله


(١) أخرجه مسلم في الزهد حديث ٦٨، ٦٩، وأبو داود في الأدب باب ٩.
(٢) انظر تفسير الطبري ١١/ ٥٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>