للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]

أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٥) هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥٦)

يخبر تعالى أنه مالك السموات وَالْأَرْضِ وَأَنَّ وَعْدَهُ حَقٌّ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَأَنَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ مَرْجِعُهُمْ، وَأَنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ الْعَلِيمُ بِمَا تَفَرَّقَ مِنَ الْأَجْسَامِ وَتَمَزَّقَ فِي سَائِرِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَالْبِحَارِ وَالْقِفَارِ.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٥٧ الى ٥٨]

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)

يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا على خلقه بما أنزله مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ زَاجِرٌ عَنِ الْفَوَاحِشِ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ أَيْ مِنَ الشُّبَهِ وَالشُّكُوكِ وَهُوَ إِزَالَةُ مَا فِيهَا مِنْ رِجْسٍ وَدَنَسٍ، وَهُدًى وَرَحْمَةٌ أي يحصل به الْهِدَايَةُ وَالرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا ذَلِكَ للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه، كقوله تَعَالَى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً [الإسراء: ٨٢] وقوله: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ [فصلت: ٤٤] الآية.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا أَيْ بِهَذَا الَّذِي جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ فَلْيَفْرَحُوا، فَإِنَّهُ أَوْلَى مَا يَفْرَحُونَ بِهِ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ أَيْ مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنَ الزَّهْرَةِ الْفَانِيَةِ الذَّاهِبَةِ لَا مَحَالَةَ، كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَذُكِرَ بسنده عن بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، سَمِعْتُ أَيْفَعَ بْنَ عَبْدٍ الْكُلَاعِيَّ يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ خَرَاجُ الْعِرَاقِ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَرَجَ عُمَرُ وَمَوْلًى لَهُ فَجَعَلَ عُمَرُ يَعُدُّ الْإِبِلَ فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَقُولُ مَوْلَاهُ هَذَا وَاللَّهِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: كَذَبْتَ لَيْسَ هَذَا، هُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ الآية، وَهَذَا مِمَّا يَجْمَعُونَ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَقِيَّةَ فَذَكَرَهُ.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٥٩ الى ٦٠]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٦٠)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وغيرهم: نزلت إنكارا على المشركين فيما كانوا يحللون ويحرمون من البحائر والسوائب والوصايل، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً [الْأَنْعَامِ: ١٣٦] الْآيَاتِ، وَقَالَ الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>