للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شريك له وهو الذي يتوفاكم كما أحياكم ثم إليه مرجعكم فإن كانت آلهتكم التي تدعون من دون الله حقا فأنا لا أعبدها فادعوها فلتضرني فإنها لا تضر ولا تنفع وإنما الذي بيده الضر والنفع هو الله وحده لا شريك له وأمرت أن أكون من المؤمنين وقوله: ﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً﴾ الآية أي أخلص العبادة لله وحده حنيفا أي منحرفا عن الشرك ولهذا قال: ﴿وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ وهو معطوف على قوله: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وقوله ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ﴾ الآية فيه بيان لأن الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلى الله تعالى وحده لا يشاركه في ذلك أحد فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة صفوان بن سليم من طريق عبد الله بن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عيسى بن موسى عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك أن رسول الله قال:

«اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، واسألوه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم» ثم رواه من طريق الليث عن عيسى بن موسى عن صفوان عن رجل من أشجع عن أبي هريرة مرفوعا بمثله سواء. وقوله ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ أي لمن تاب إليه وتوكل عليه ولو من أي ذنب كان حتى من الشرك به فإنه يتوب عليه.

[[سورة يونس (١٠): الآيات ١٠٨ إلى ١٠٩]]

﴿قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اِهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨) وَاِتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاِصْبِرْ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (١٠٩)

يقول تعالى أمرا لرسوله أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند الله هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فيه فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه، ومن ضل عنه فإنما يرجع وبال ذلك عليه ﴿وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ أي وما أنا موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين وإنما أنا نذير لكم، والهداية على الله تعالى وقوله: ﴿وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ﴾ أي تمسك بما أنزل الله عليك وأوحاه إليك واصبر على مخالفة من خالفك من الناس ﴿حَتّى يَحْكُمَ اللهُ﴾ أي يفتح بينك وبينهم ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ﴾ أي خير الفاتحين بعدله وحكمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>