يأمر تعالى عبده ورسوله محمدا ﷺ بأن يباشر القتال بنفسه، ومن نكل عنه فلا عليه منه، ولهذا قال ﴿لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ﴾ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عمرو بن نبيح، حدثنا حكام، حدثنا الجراح الكندي عن أبي إسحاق، قال: سألت البراء بن عازب عن الرجل يلقى المائة من العدو فيقاتل فيكون ممن قال الله فيه: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]؟ قال: قد قال الله تعالى لنبيه: ﴿فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
ورواه الإمام أحمد عن سليمان بن داود، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، قال:
قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين، أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال: لا، إن الله بعث رسول الله ﷺ وقال: ﴿فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ﴾ إنما ذلك في النفقة.
وكذا رواه ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش وعلي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن البراء به. ثم قال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن النضر العسكري، حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الجرمي، حدثنا محمد بن حمير، حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: لما نزلت على النبي ﷺ ﴿فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الآية، قال لأصحابه:«وقد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا» حديث غريب.
وقوله: ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي على القتال ورغبهم فيه وشجعهم عليه، كما قال لهم ﷺ يوم بدر وهو يسوي الصفوف:«قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» وقد وردت أحاديث كثيرة في الترغيب في ذلك، فمن ذلك ما رواه البخاري (١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة وآتى الزكاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها». قالوا:
يا رسول الله أفلا نبشر الناس بذلك؟ فقال:«إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» وروي من حديث عبادة ومعاذ وأبي الدرداء، نحو ذلك.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال:«يا أبا سعيد، من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا، بمحمد ﷺ رسولا ونبيا، وجبت له الجنة»، قال: فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها