للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العير هاجت ريح، فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف، فقال ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾ قال: فوجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام (١)، وكذا رواه سفيان الثوري وشعبة وغيرهما عن أبي سنان به وقال الحسن وابن جريج: كان بينهما ثمانون فرسخا، وكان بينه وبينه منذ افترقا ثمانون سنة.

وقوله ﴿لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة وسعيد بن جبير تسفهون وقال مجاهد أيضا والحسن: تهرمون. وقولهم ﴿إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾ قال ابن عباس:

لفي خطئك القديم. وقال قتادة: أي من حب يوسف لا تنساه ولا تسلاه، قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم ولا لنبي الله ، وكذا قال السدي وغيره.

[[سورة يوسف (١٢): الآيات ٩٦ إلى ٩٨]]

﴿فَلَمّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٩٦) قالُوا يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨)

قال ابن عباس والضحاك: ﴿الْبَشِيرُ﴾ البريد. وقال مجاهد والسدي: كان يهوذا بن يعقوب، قال السدي: إنما جاء به لأنه هو الذي جاء بالقميص وهو ملطخ بدم كذب، فأحب أن يغسل ذلك بهذا، فجاء بالقميص فألقاه على وجه أبيه فرجع بصيرا، وقال لبنيه عند ذلك ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ أي أعلم أن الله سيرده إلي، وقلت لكم: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾ فعند ذلك قالوا لأبيهم مترفقين له: ﴿يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ أي من تاب إليه تاب عليه، قال ابن مسعود وإبراهيم التيمي وعمرو بن قيس وابن جريج وغيرهم: أرجأهم إلى وقت السحر.

وقال ابن جرير (٢): حدثني أبو السائب، حدثنا ابن إدريس، سمعت عبد الرحمن بن إسحاق يذكر عن محارب بن دثار قال: كان عمر يأتي المسجد فيسمع إنسانا يقول: اللهم دعوتني فأجبت، وأمرتني فأطعت، وهذا السحر فاغفر لي. قال فاستمع الصوت، فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود، فسأل عبد الله عن ذلك، فقال: إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾.

وقد ورد في الحديث أن ذلك كان ليلة الجمعة، كما قال ابن جرير (٣) أيضا: حدثني المثنى، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أيوب الدمشقي، حدثنا الوليد، أنبأنا ابن جريج عن عطاء، وعكرمة عن ابن عباس، عن رسول الله ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ يقول: حتى تأتي


(١) انظر تفسير الطبري ٧/ ٢٩٤.
(٢) تفسير الطبري ٧/ ٣٠٠.
(٣) تفسير الطبري ٧/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>