للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ﴾ إلى قوله: ﴿يَعْقِلُونَ﴾ رواه آدم بن أبي إياس عن أبي جعفر هو الرازي، عن سعيد بن مسروق والد سفيان، عن أبي الضحى به (١).

[[سورة البقرة (٢): الآيات ١٦٥ إلى ١٦٧]]

﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النّارِ (١٦٧)

يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا ومالهم في الدار الآخرة حيث جعلوا له أندادا أي أمثالا ونظراء، يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه، وهو الله لا إله إلا هو، ولا ضد له، ولا ندّ له، ولا شريك معه.

وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال «أن تجعل لله ندّا وهو خلقك» (٢).

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ﴾ ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم، له، لا يشركون به شيئا بل يعبدونه وحده، ويتوكلون عليه، ويلجئون في جميع أمورهم إليه. ثم توعد تعالى المشركين به الظالمين لأنفسهم بذلك، فقال ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً﴾ قال بعضهم: تقدير الكلام، لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ أن القوة لله جميعا، أي أن الحكم له وحده لا شريك له، وأن جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه.

﴿وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ﴾ كما قال ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ﴾ [الفجر: ٢٥ - ٢٦] يقول لو يعلمون ما يعاينونه هنالك وما يحل بهم من الأمر الفظيع المنكر الهائل على شركهم وكفرهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال ثم أخبر عن كفرهم بأوثانهم وتبري المتبوعين من التابعين، فقال: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون أنهم يعبدونهم في الدار الدنيا، فيقول الملائكة: ﴿تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيّانا يَعْبُدُونَ﴾ [القصص: ٦٣] ويقولون: ﴿سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾، [سبأ: ٤١] والجن أيضا تتبرأ منهم، ويتنصلون من عبادتهم لهم، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ. وَإِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٤٦ - ٤٧] وقال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا. كَلاّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾


(١) ورواه الطبري في تفسيره ٢/ ٦٦، به وبالإسناد نفسه.
(٢) رواه البخاري (تفسير سورة ٢ باب ٣، وتوحيد باب ٤٠) ومسلم (إيمان حديث ١٤١، ١٤٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>