للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم عن محمد بن يوسف الفريابي عن إسرائيل، عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال: كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد، فأرادوا أن يتحولوا إلى المسجد، فنزلت ﴿وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ﴾ فثبتوا في منازلهم.

[الحديث الرابع] قال الإمام أحمد (١): حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو ، قال: توفي رجل في المدينة فصلى عليه النبي : وقال «يا ليته مات في غير مولده»، فقال رجل من الناس:

ولم يا رسول الله؟ فقال رسول الله : «إن الرجل إذا توفي في غير مولده، قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة» (٢)، ورواه النسائي عن يونس بن عبد الأعلى وابن ماجة عن حرملة، كلاهما عن ابن وهب عن حيي بن عبد الله به. وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا أبو نميلة، حدثنا الحسين عن ثابت قال: مشيت مع أنس فأسرعت المشي فأخذ بيدي فمشينا رويدا، فلما قضينا الصلاة قال أنس: مشيت مع زيد بن ثابت فأسرعت المشي، فقال:

يا أنس أما شعرت أن الآثار تكتب؟ وهذا القول لا تنافي بينه وبين الأول، بل في هذا تنبيه ودلالة على ذلك بطريق الأولى والأحرى، فإنه إذا كانت هذه الآثار تكتب، فلأن تكتب تلك التي فيها قدوة بهم من خير أو شر بطريق الأولى، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ﴾ أي وجميع الكائنات مكتوب في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفوظ، والإمام المبين هاهنا هو أم الكتاب، قاله مجاهد وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وكذا في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ﴾ [الإسراء: ٧١] أي بكتاب أعمالهم الشاهد عليهم بما عملوه من خير أو شر، كما قال ﷿:

﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ﴾ [الزمر: ٦٩] وقال تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٩].

[[سورة يس (٣٦): الآيات ١٣ إلى ١٧]]

﴿وَاِضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اِثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧)

ويقول تعالى: واضرب يا محمد لقومك الذين كذبوك ﴿مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ﴾ قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن


(١) المسند ٢/ ٧٧.
(٢) أخرجه النسائي في الجنائز باب ٨، وابن ماجة في الجنائز باب ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>