نخلة؟ ثم سكتا وأنشآ في كلام آخر، ثم قال: أنا أعطيتك أربعين نخلة، فقال: أشهد لي إن كنت صادقا، فأمر بأناس فدعاهم فقال: اشهدوا إني قد أعطيته من نخلي أربعين نخلة بنخلته التي فرعها في دار فلان بن فلان.
ثم قال: ما تقول؟ فقال صاحب النخلة: قد رضيت، ثم قال بعد ليس بيني وبينك بيع لم نفترق، فقال له: قد أقالك الله ولست بأحمق حين أعطيتك أربعين نخلة بنخلتك المائلة، فقال صاحب النخلة: قد رضيت على أن تعطيني الأربعين على ما أريد، قال: تعطينيها على ساق، ثم مكث ساعة ثم قال: هي لك على ساق، وأوقف له شهودا وعد له أربعين نخلة على ساق، فتفرقا، فذهب الرجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إن النخلة المائلة في دار فلان قد صارت لي فهي لك، فذهب رسول الله ﷺ إلى الرجل صاحب الدار فقال له «النخلة لك ولعيالك» قال عكرمة: قال ابن عباس فأنزل الله ﷿: ﴿وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى﴾ -إلى قوله- ﴿فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى﴾ إلى آخر السورة، هكذا رواه ابن أبي حاتم وهو حديث غريب جدا.
قال ابن جرير (١): وذكر أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق ﵁: حدثنا هارون بن إدريس الأصم، حدثنا عبد الرّحمن بن محمد المحاربي، حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصديق ﵁، عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: كان أبو بكر ﵁ يعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بني أراك تعتق أناسا ضعفاء فلو أنك تعتق رجالا جلداء يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك، فقال: أي أبت إنما أريد-أظنه قال- ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية أنزلت فيه ﴿فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى﴾ قال مجاهد: أي إذا مات وقال أبو صالح ومالك عن زيد بن أسلم: إذا تردى في النار.
قال قتادة: ﴿إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى﴾ أي نبين الحلال والحرام، وقال غيره: من سلك طريق الهدى وصل إلى الله وجعله كقوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ حكاه ابن جرير، وقوله