للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتعقلوها، لعلهم يعقلون.

[[سورة النور (٢٤): آية ٦٢]]

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اِسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاِسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢)

وهذا أيضا أدب أرشد الله عباده المؤمنين إليه، فكما أمرهم بالاستئذان عند الدخول، كذلك أمرهم بالاستئذان عند الانصراف لا سيما إذا كانوا في أمر جامع مع الرسول صلوات الله وسلامه عليه من صلاة جمعة أو عيد أو جماعة أو اجتماع في مشورة ونحو ذلك، أمرهم الله تعالى أن لا يتفرقوا عنه والحالة هذه إلا بعد استئذانه ومشاورته وإن من يفعل ذلك فإنه من المؤمنين الكاملين، ثم أمر رسوله صلوات الله وسلامه عليه إذا استأذنه أحد منهم في ذلك أن يأذن له إن شاء، ولهذا قال ﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ﴾ الآية.

وقد قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا بشر هو ابن المفضل عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة» (١) وهكذا رواه الترمذي والنسائي من حديث محمد بن عجلان به. وقال الترمذي: حديث حسن.

[[سورة النور (٢٤): آية ٦٣]]

﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣)

قال الضحاك عن ابن عباس: كانوا يقولون يا محمد يا أبا القاسم، فنهاهم الله ﷿ عن ذلك إعظاما لنبيه ، قال: فقولوا يا نبي الله، يا رسول الله، وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير. وقال قتادة: أمر الله أن يهاب نبيه ، وأن يبجل وأن يعظم وأن يسود. وقال مقاتل في قوله ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً﴾ يقول: لا تسموه إذا دعوتموه يا محمد ولا تقولوا يا ابن عبد الله، ولكن شرفوه فقولوا: يا نبي الله يا رسول الله.

وقال مالك عن زيد بن أسلم في قوله ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً﴾ قال: أمرهم الله أن يشرفوه، هذا قول، وهو الظاهر من السياق، كقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا﴾ [البقرة: ١٠٤] إلى آخر الآية. وقوله ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ -إلى قوله- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ﴾


(١) أخرجه أبو داود في الأدب با ١٣٩، والترمذي في الاستئذان باب ١٥، وأحمد في المسند ٢/ ٢٣٠، ٢٨٧، ٤٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>