للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي قال «إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق» كذا رواه ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن جناب، حدثنا عيسى بن يونس عن عبد الله بن الوليد الوصافي، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، قال: إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق، وهذا أشبه، والله أعلم. ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام الدستوائي عن رجل عن الحسن، قال: الأبرار الذين لا يؤذون الذر. وقال ابن أبي حاتم أيضا: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن خيثمة عن الأسود، قال: قال عبد الله يعني ابن مسعود: ما من نفس برة ولا فاجرة إلا الموت خير لها، لئن كان برا لقد قال الله تعالى ﴿وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ﴾ وكذا رواه عبد الرزاق عن الأعمش عن الثوري به. وقرأ ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ﴾ [آل عمران: ١٧٨].

وقال ابن جرير (١): حدثني المثنى، حدثنا إسحاق، حدثنا ابن أبي جعفر عن فرج بن فضالة، عن لقمان عن أبي الدرداء أنه كان يقول: ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول ﴿وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ﴾ ويقول ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ﴾.

[[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٩٩ إلى ٢٠٠]]

﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاِتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)

يخبر تعالى عن طائفة من أهل الكتاب أنهم يؤمنون بالله حق الإيمان، ويؤمنون بما أنزل على محمد مع ما هم مؤمنون به من الكتب المتقدمة، وأنهم خاشعون لله أي مطيعون له، خاضعون متذللون بين يديه، ﴿لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً﴾، أي لا يكتمون ما بأيديهم من البشارات بمحمد وذكر صفته ونعته ومبعثه وصفة أمته، وهؤلاء هم خيرة أهل الكتاب وصفوتهم، سواء كانوا هودا أو نصارى، وقد قال تعالى في سورة القصص: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا﴾ [القصص: ٥٢ - ٥٤]، وقد قال تعالى:


(١) تفسير الطبري ٣/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>