للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تظهر بين أكتافهم حتى ينجم في صُدُورِهِمْ» وَلِهَذَا كَانَ حُذَيْفَةُ يُقَالُ لَهُ صَاحِبُ السر الذي لا يعلمه غيره أي من تَعْيِينِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ أَطْلَعَهُ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَرْجَمَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ حُذَيْفَةَ تَسْمِيَةَ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: هُمْ معتب بن قشيرة وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَجَدُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَبْتَلِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَالْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الطَّائِيُّ وَأَوْسُ بْنُ قَيْظِيِّ وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ وَسَعْدُ بْنُ زرارة وقيس بن فهد وسويد بن داعس مِنْ بَنِي الْحُبُلِيِّ وَقَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ وَزَيْدُ بْنُ اللَّصِيتِ وَسُلَالَةُ بْنُ الْحِمَامِ وَهُمَا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَظْهَرَا الْإِسْلَامَ.

وَقَوْلُهُ تعالى: وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ أَيْ وَمَا لِلرَّسُولِ عِنْدَهُمْ ذَنْبٌ إلا أن الله أغناهم ببركته ويمن سعادته، ولو تمت عليه السَّعَادَةُ لَهَدَاهُمُ اللَّهُ لِمَا جَاءَ بِهِ كَمَا قال صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ: «أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي» كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ «١» . وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تُقَالُ حَيْثُ لَا ذنب، كَقَوْلِهِ: وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ [البروج: ٨] الآية. وقوله عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ» «٢» ثُمَّ دَعَاهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى التَّوْبَةِ فَقَالَ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أَيْ وَإِنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى طَرِيقِهِمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا أَيْ بِالْقَتْلِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ، وَالْآخِرَةِ أَيْ بِالْعَذَابِ وَالنَّكَالِ وَالْهَوَانِ وَالصَّغَارِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ أَيْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَحَدٌ يُسْعِدُهُمْ وَلَا يُنْجِدُهُمْ لا يُحَصِّلُ لَهُمْ خَيْرًا وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ شَرًّا.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٥ الى ٧٨]

وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٧٨)

يَقُولُ تَعَالَى وَمِنَ الْمُنَافِقِينَ مَنْ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ لَئِنْ أَغْنَاهُ مِنْ فَضْلِهِ لَيَصَّدَّقَنَّ مِنْ مَالِهِ وَلَيَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَمَا وَفَّى بِمَا قَالَ وَلَا صَدَقَ فِيمَا ادَّعَى، فَأَعْقَبَهُمْ هَذَا الصَّنِيعُ نِفَاقًا سَكَنَ فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِياذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي ثَعْلَبَةَ بْنِ حاطب الأنصاري.


(١) تقدم الحديث مع تخريج في تفسير الآية ٦٣ من سورة الأنفال. [.....]
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٤٩، ومسلم في الزكاة حديث ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>