للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علينا عياض أن نعطي عن كل ذي رأس عشرة، قال: وقال أبو عبيدة: من يراهنني؟ فقال شاب: أنا إن لم تغضب قال: فسبقه فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقزان (١) وهو خلفه على فرس عري، وهذا إسناد صحيح، وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث بندار عن غندر بنحوه، واختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه، وبدر: محلة بين مكة والمدينة تعرف ببئرها، منسوبة إلى رجل حفرها، يقال له: بدر بن النارين، قال الشعبي: بدر بئر لرجل يسمى بدرا، وقوله ﴿فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ أي تقومون بطاعته.

[[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٢٤ إلى ١٢٩]]

﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٧) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨) وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩)

اختلف المفسرون في هذا الوعد، هل كان يوم بدر أو يوم أحد؟ على قولين [أحدهما] أن قوله: ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ متعلق بقوله: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ﴾ [آل عمران: ١٢٣] وروي هذا عن الحسن البصري وعامر الشعبي والربيع بن أنس وغيرهم، واختاره ابن جرير (٢).

قال عباد بن منصور عن الحسن في قوله: ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ﴾ قال: هذا يوم بدر، رواه ابن أبي حاتم. ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا داود عن عامر يعني الشعبي: أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمد المشركين، فشق ذلك عليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ﴾ -إلى قوله- ﴿مُسَوِّمِينَ﴾ قال: فبلغت كرزا الهزيمة، فلم يمد المشركين، ولم يمد الله المسلمين بالخمسة، وقال الربيع بن أنس: أمد الله المسلمين بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف.

فإن قيل: فما الجمع بين هذه الآية على هذا القول، وبين قوله تعالى في قصة بدر: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ -إلى قوله- ﴿إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: ٩]؟ فالجواب أن التنصيص على الألف-هاهنا-لا ينافي الثلاثة الآلاف فما فوقها، لقوله: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ بمعنى يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم. وهذا السياق شبيه بهذا السياق في سورة آل عمران. فالظاهر أن ذلك كان يوم بدر كما هو المعروف من أن قتال


(١) العقيصة: الشعر المضفور. وتنقزان: ترتعشان بشدة.
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٤٢١، ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>