للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبيث، وثمن الكلب خبيث» «١» وقوله تعالى: وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ لَهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنْ فَعَلْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لهن غفور رحيم، وإثمهن على من أكرههن وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَقَتَادَةُ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَالَ لَهُنَّ وَاللَّهِ لَهُنَّ وَاللَّهِ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ غَفُورٌ لَهُنَّ مَا أُكْرِهْنَ عَلَيْهِ.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِلْمُكْرَهَاتِ، حَكَاهُنَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَسَانِيدِهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ لهن وَإِثْمُهُنَّ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُنَّ، وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» «٢» .

ولما فصل تبارك وتعالى هذه الأحكام وبينها قال تعالى: وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ يَعْنِي الْقُرْآنَ فِيهِ آيَاتٌ وَاضِحَاتٌ مُفَسِّرَاتٌ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ أَيْ خَبَرًا عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَمَا حَلَّ بِهِمْ فِي مُخَالَفَتِهِمْ أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ ... وَمَوْعِظَةً أَيْ زَاجِرًا عَنِ ارْتِكَابِ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ لِلْمُتَّقِينَ أَيْ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَخَافَهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: فِيهِ حَكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَخَبَرُ مَا قَبْلَكُمْ وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٣٥]]

اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥)

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَقُولُ هَادِي أَهْلِ السموات والأرض. قال ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُدْبِّرُ الْأَمْرَ فِيهِمَا نُجُومِهِمَا وَشَمْسِهِمَا وَقَمَرِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنُ خَالِدٍ الرَقِّيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ فَرْقَدٍ عَنْ أنس بن مالك قال: إن الله يقول نوري


(١) أخرجه مسلم في المساقاة حديث ٤١، وأبو داود في البيوع باب ٣٨، والترمذي في البيوع باب ٤٦، وأحمد في المسند ٤٦٤، ٤٦٥.
(٢) أخرجه ابن ماجة في الطلاق باب ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>