للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الأنفال (٨): الآيات ٤٥ إلى ٤٦]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاُذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاِصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ (٤٦)

هذا تعليم من الله تعالى لعباده المؤمنين آداب اللقاء وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء، فقال ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا﴾ ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى، أن رسول الله انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، حتى إذا مالت الشمس قام فيهم، فقال: «يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» ثم قام النبي ، وقال: «اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» (١).

وقال عبد الرزاق: عن سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله : «لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله، فإن صخبوا وصاحوا فعليكم بالصمت» (٢)، وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا معتمر بن سليمان، حدثنا ثابت بن زيد عن رجل عن زيد بن أرقم عن النبي ، مرفوعا، قال: «إن الله يحب الصمت عند ثلاث عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة» وفي الحديث الآخر المرفوع، يقول الله تعالى: «إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قرنه» (٣) أي لا يشغله ذلك الحال، عن ذكري ودعائي واستعانتي.

وقال سعيد بن أبي عروبة: عن قتادة في هذه الآية، قال: افترض الله ذكره عند أشغل ما يكون عند الضرب بالسيوف، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان، حدثنا ابن المبارك عن ابن جريج عن عطاء، قال: وجب الإنصات وذكر الله عند الزحف، ثم تلا هذه الآية، قلت: يجهرون بالذكر؟ قال: نعم، وقال أيضا: قرأ علي يونس بن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش عن يزيد بن فوذر عن كعب الأحبار، قال ما من شيء أحب إلى الله تعالى من قراءة القرآن والذكر، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال، فقال ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ قال الشاعر: [الطويل] ذكرتك والخطّيّ يخطر بيننا … وقد نهلت فينا المثقّفة السّمر (٤)


(١) أخرجه البخاري في الجهاد باب ١١٢، ومسلم في الجهاد حديث ٢، وأبو داود في الجهاد باب ٨٩، وأحمد في المسند ٤/ ٣٥٤.
(٢) أخرجه الدارمي في السير باب ٦.
(٣) أخرجه الترمذي في الدعوات باب ١١٨، بلفظ: «إنّ عبدي كل عندي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه».
(٤) البيت لأبي العطاء السندي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٦، وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٤٠، وبلا نسبة في شرح المفصل ٢/ ٦٧، ومغني اللبيب ٢/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>