يقول لهم هود: فإن تولوا عما جئتكم به من عبادة الله ربكم وحده لا شريك له فقد قامت عليكم الحجة بإبلاغي إياكم رسالة الله التي بعثني بها ﴿وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ يعبدونه وحده لا يشركون به ولا يبالي بكم فإنكم لا تضرونه بكفركم بل يعود وبال ذلك عليكم ﴿إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ أي شاهد وحافظ لأقوال عباده وأفعالهم ويجزيهم عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر ﴿وَلَمّا جاءَ أَمْرُنا﴾ وهو الريح العقيم فأهلكهم الله عن آخرهم ونجى هودا وأتباعه من عذاب غليظ برحمته تعالى ولطفه.
﴿وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ﴾ كفروا بها وعصوا رسل الله وذلك أن من كفر بنبي فقد كفر بجميع الأنبياء لأنه لا فرق بين أحد منهم في وجوب الإيمان به فعاد كفروا بهود فنزل كفرهم منزلة من كفر بجميع الرسل ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ﴾ تركوا اتباع رسولهم الرشيد؟ واتبعوا أمر كل جبار عنيد، فلهذا أتبعوا في الدنيا لعنة من الله ومن عباده المؤمنين كلما ذكروا وينادى عليهم يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ﴿أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ﴾ الآية قال السدي:
يقول تعالى: ﴿وَ﴾ لقد أرسلنا ﴿إِلى ثَمُودَ﴾ وهم الذين كانوا يسكنون مدائن الحجر بين تبوك والمدينة وكانوا بعد عاد فبعث الله منهم ﴿أَخاهُمْ صالِحاً﴾ فأمرهم بعبادة الله وحده ولهذا قال: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ أي ابتدأ خلقكم منها خلق منها أباكم آدم ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾ أي جعلكم عمارا تعمرونها وتستغلونها ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ لسالف ذنوبكم ﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ فيما تستقبلونه ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ﴾ [البقرة: ١٨٦] الآية.
يذكر تعالى ما كان من الكلام بين صالح ﵇ وبين قومه وما كان من الجهل والعناد في قولهم ﴿قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا﴾ أي كنا نرجوك في عقلك قبل أن تقول ما قلت ﴿أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ وما كان عليه أسلافنا ﴿وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ أي شك كثير ﴿قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ فيما أرسلني به إليكم على يقين وبرهان ﴿وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ﴾ وتركت دعوتكم إلى الحق