للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكرهت الموت، والصدقة فو الله مَا لِي إِلَّا غُنَيْمَةٌ وَعَشْرُ ذَوْدٍ هُنَّ رَسَلُ أَهْلِي وَحَمُولَتَهُمْ، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ: «فَلَا جِهَادَ وَلَا صَدَقَةَ فبم تدخل الجنة إذا؟» قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أُبَايِعُكَ فَبَايَعْتُهُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ، هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ حدثنا أبو الأشعث عن ثوبان مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْفَعُ مَعَهُنَّ عَمَلٌ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ» وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الشَّنِّيُّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال سمعت أبي يحدث عن جدي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ» «١» وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهِ وَقَالَ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

قُلْتُ وَلَا يُعْرَفُ لِزَيْدٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ سِوَاهُ، وَقَدْ ذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ الْفِرَارَ إنما كان حراما على الصحابة لأنه كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ عَلَى الْأَنْصَارِ خَاصَّةً لِأَنَّهُمْ بَايَعُوا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي المنشط والمكره. وقيل الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَهْلُ بَدْرٍ خَاصَّةً يُرْوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي نَضْرَةَ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعِكْرِمَةَ وقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ، وَحُجَّتُهُمْ فِي هَذَا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ عِصَابَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ يفيئون إليها إلا عِصَابَتِهِمْ تِلْكَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهُمَّ إِنَّ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ» «٢» .

وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ قَالَ ذَلِكَ يَوْمُ بَدْرٍ فَأَمَّا الْيَوْمُ فَإِنِ انْحَازَ إِلَى فِئَةٍ أَوْ مِصْرٍ أَحْسَبُهُ قَالَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عن الْمُبَارَكِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ فَرَّ يَوْمَ بَدْرٍ النَّارَ قَالَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ- إلى قوله- وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبْعِ سنين قال ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ [التوبة: ٢٧] .


(١) أخرجه أبو داود في الوتر باب ٢٦، والترمذي في الدعوات باب ١١٧.
(٢) أخرجه مسلم في الجهاد حديث ٥٨، وأحمد في المسند ١/ ٣٠، ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>