للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَحَالَفُوا عَلَى هَلَاكِهِ، فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ حَتَّى هلكوا وقومهم أجمعين، وقال قتادة: تواثقوا عَلَى أَنْ يَأْخُذُوهُ لَيْلًا فَيَقْتُلُوهُ، وَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ مَعَانِيقُ إِلَى صَالِحٍ لِيَفْتِكُوا بِهِ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَخْرَةً فَأَهْمَدَتْهُمْ، قال الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمُ الَّذِينَ عَقَرُوا الناقة، قالوا حين عقروها:

لنبيتن صالحا وأهله فَنَقْتُلُهُمْ ثُمَّ نَقُولُ لِأَوْلِيَاءِ صَالِحٍ: مَا شَهِدْنَا مِنْ هَذَا شَيْئًا، وَمَا لَنَا بِهِ مِنْ عِلْمٍ فَدَمَّرَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِينَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق: قال هؤلاء التسعة بعد ما عَقَرُوا النَّاقَةَ: هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ صَالِحًا، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا عَجَّلْنَاهُ قَبْلَنَا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كُنَّا قَدْ أَلْحَقْنَاهُ بِنَاقَتِهِ، فَأَتَوْهُ لَيْلًا لِيُبَيِّتُوهُ فِي أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة، فلما أبطئوا عَلَى أَصْحَابِهِمْ أَتَوْا مَنْزِلَ صَالِحٍ، فَوَجَدُوهُمْ مُنْشَدِخِينَ قَدْ رُضِخُوا بِالْحِجَارَةِ، فَقَالُوا لِصَالِحٍ: أَنْتَ قَتَلْتَهُمْ، ثُمَّ هَمُّوا بِهِ فَقَامَتْ عَشِيرَتُهُ دُونَهُ، وَلَبِسُوا السِّلَاحَ وَقَالُوا لَهُمْ: وَاللَّهِ لَا تَقْتُلُونَهُ أَبَدًا وَقَدْ وَعَدَكُمْ أَنَّ الْعَذَابَ نَازِلٌ بِكُمْ فِي ثَلَاثٍ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا تَزِيدُوا رَبَّكُمْ عَلَيْكُمْ غَضَبًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَأَنْتُمْ مِنْ وَرَاءِ مَا تُرِيدُونَ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُمْ لَيْلَتَهُمْ تِلْكَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَمَّا عقروا الناقة قال لَهُمْ صَالِحٌ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ قَالُوا: زَعَمَ صَالِحٌ أَنَّهُ يُفْرُغُ مِنَّا إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَنَحْنُ نَفْرُغُ مِنْهُ وَأَهْلِهِ قَبْلَ ثَلَاثٍ، وَكَانَ لِصَالِحٍ مَسْجِدٌ فِي الْحِجْرِ عِنْدَ شِعْبٍ هُنَاكَ يُصَلِّي فِيهِ، فَخَرَجُوا إِلَى كَهْفٍ، أَيْ غَارٍ هُنَاكَ لَيْلًا فَقَالُوا: إِذَا جَاءَ يُصَلِّي قَتَلْنَاهُ ثُمَّ رَجَعْنَا إِذَا فَرَغْنَا مِنْهُ إلى أهله ففرغنا منهم، فبعث الله عليهم صَخْرَةً مِنَ الْهَضَبِ حِيَالَهُمْ فَخَشُوا أَنْ تَشْدَخَهُمْ فَتَبَادَرُوا، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمُ الصَّخْرَةُ وَهُمْ فِي ذَلِكَ الْغَارِ، فَلَا يَدْرِي قَوْمُهُمْ أَيْنَ هُمْ، وَلَا يَدْرُونَ مَا فُعِلَ بِقَوْمِهِمْ، فَعَذَّبَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ هَاهُنَا، وَهَؤُلَاءِ هَاهُنَا، وَأَنْجَى اللَّهُ صَالِحًا وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ قَرَأَ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً أَيْ فَارِغَةً لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ.

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٥٤ الى ٥٨]

وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨)

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَبْدِهِ ورسوله لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَنْذَرَ قَوْمَهُ نِقْمَةَ اللَّهِ بِهِمْ فِي فِعْلِهِمُ الْفَاحِشَةَ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَهِيَ إِتْيَانُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَذَلِكَ فَاحِشَةٌ عَظِيمَةٌ استغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء فقال: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>