وبرئ عمر من قتله، فكره الله أن يسن ذلك بعد، فأنزل ﴿وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٦٦]، وكذا رواه ابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود به، وهو أثر غريب مرسل، وابن لهيعة ضعيف والله أعلم.
طريق أخرى: -قال الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن دحيم في تفسيره: حدثنا شعيب بن شعيب، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عتبة بن ضمرة، حدثني أبي أن رجلين اختصما إلى النبي ﷺ فقضى للمحق على المبطل، فقال المقضي عليه: لا أرضى، فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصديق، فذهبا إليه، فقال الذي قضي له: قد اختصمنا إلى النبي ﷺ، فقضى لي، فقال أبو بكر: أنتما على ما قضى به رسول الله ﷺ، فأبى صاحبه أن يرضى، فقال: نأتي عمر بن الخطاب، فقال المقضي له: قد اختصمنا إلى النبي ﷺ، فقضى لي عليه، فأبى أن يرضى، فسأله عمر بن الخطاب فقال كذلك، فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده قد سله، فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله، فأنزل ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ الآية.
يخبر تعالى عن أكثر الناس أنهم لو أمروا بما هم مرتكبونه من المناهي لما فعلوه، لأن طباعهم الرديئة مجبولة على مخالفة الأمر، وهذا من علمه ﵎ بما لم يكن أو كان، فكيف كان يكون، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية، قال ابن جرير (١): حدثني المثنى، حدثني إسحاق، حدثنا أبو زهير عن إسماعيل، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: لما نزلت ﴿وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية، قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فقال:«إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي».
ورواه ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن منير، حدثنا روح، حدثنا هشام عن الحسن بإسناده عن الأعمش، قال: لما نزلت ﴿وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية، قال أناس من أصحاب النبي ﷺ: لو فعل ربنا لفعلنا، فبلغ النبي ﷺ، فقال:«للإيمان أثبت في قلوب أهله من الجبال الرواسي».