جبير عن ابن عمر ﵄ قال: نزلت هذه الآية وما نعلم في أي شيء نزلت ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ قلنا من نخاصم؟ ليس بيننا وبين أهل الكتاب خصومة فمن نخاصم؟ حتى وقعت الفتنة فقال ابن عمر ﵄: هذا الذي وعدنا ربنا ﷿ نختصم فيه. ورواه النسائي عن محمد بن عامر عن منصور بن سلمة به، وقال أبو العالية في قوله ﵎: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ قال: يعني أهل القبلة، وقال ابن زيد: يعني أهل الإسلام وأهل الكفر، وقد قدمنا أن الصحيح العموم والله ﷾ أعلم.
يقول ﷿ مخاطبا المشركين الذين افتروا على الله وجعلوا معه آلهة أخرى وادعوا أن الملائكة بنات الله وجعلوا لله ولدا تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولهذا قال ﷿: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ﴾ أي لا أحد أظلم من هذا لأنه جمع بين طرفي الباطل كذب على الله وكذب رسول الله قالوا الباطل وردوا الحق ولهذا قال جلت عظمته متوعدا لهم: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ﴾ وهم الجاحدون المكذبون. ثم قال جل وعلا: ﴿وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ قال مجاهد وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد: الذي جاء بالصدق هو الرسول ﷺ وقال السدي: هو جبريل ﵇ ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ يعني محمدا ﷺ(١).
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﵄ ﴿وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ﴾ قال: من جاء بلا إله إلا الله ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ يعني رسول الله ﷺ وقرأ الربيع بن أنس «والذين جاءوا بالصدق» يعني الأنبياء «وصدقوا به» يعني الأتباع. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد ﴿وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ قال: أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة فيقولون هذا ما أعطيتمونا فعملنا فيه بما أمرتمونا. وهذا القول عن مجاهد يشمل كل المؤمنين فإن المؤمنين يقولون الحق ويعملون به والرسول ﷺ أولى الناس بالدخول في هذه الآية على هذا التفسير فإنه جاء بالصدق وصدق المرسلين وآمن بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله