للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله ﷿.

قلت: ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي أنه قال: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف» (١) وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته هاهنا ولله الحمد والمنة، وقوله: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أي فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه؟ وقال محمد بن كعب القرظي: فهل من منزجر عن المعاصي؟.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن رافع، حدثنا ضمرة عن ابن شوذب، عن مطر هو الوراق في قوله تعالى: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ هل من طالب علم فيعان عليه، وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم عن مطر الوراق، ورواه ابن جرير (٢)، وروي عن قتادة مثله.

[[سورة القمر (٥٤): الآيات ١٨ إلى ٢٢]]

﴿كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢)

يقول تعالى مخبرا عن عاد قوم هود، إنهم كذبوا رسولهم أيضا، كما صنع قوم نوح وأنه تعالى أرسل عليهم ﴿رِيحاً صَرْصَراً﴾ وهي الباردة الشديدة البرد ﴿فِي يَوْمِ نَحْسٍ﴾ أي عليهم، قاله الضحاك وقتادة والسدي ﴿مُسْتَمِرٍّ﴾ عليهم نحسه ودماره لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروي. وقوله تعالى: ﴿تَنْزِعُ النّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ وذلك أن الريح كانت تأتي أحدهم فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار، ثم تنكسه على أم رأسه فيسقط إلى الأرض، فتثلغ (٣) رأسه فيبقى جثة بلا رأس، ولهذا قال: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ. فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ﴾.

﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾.

[[سورة القمر (٥٤): الآيات ٢٣ إلى ٣٢]]

﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنّا مُرْسِلُوا النّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاِصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢)

وهذا إخبار عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم صالحا ﴿فَقالُوا أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ﴾


(١) أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب ٥، ومسلم في المسافرين حديث ٢٦٤، ٢٧٠، ٢٧٢، ٢٧٤، وأبو داود في الوتر باب ٢٢، والترمذي في القرآن باب ٩، والنسائي في الافتتاح باب ٣٧، ومالك في القرآن حديث ٥، وأحمد في المسند ٥/ ١٤١، ١١٤، ١٢٤، ١٢٧، ١٢٨، ١٣٢.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٥٥٦.
(٣) ثلغ: أي شدخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>