للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي وأحمد بن حنبل (١)، قالا: أخبرنا سفيان، هو ابن عيينة عن عمرو بن دينار، أنه سمع بجالة بن عبدة يقول: كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال:

فقتلنا ثلاث سواحر. وقد أخرجه البخاري في صحيحه أيضا، وهكذا صح أن حفصة أم المؤمنين سحرتها جارية لها، فأمرت بها، فقتلت، قال الإمام أحمد بن حنبل: صح عن ثلاثة من أصحاب النبي في قتل الساحر. وروى الترمذي (٢) من حديث إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب الأزدي أنه قال: قال رسول الله : «حد الساحر ضربه بالسيف» ثم قال: لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم يضعف في الحديث، والصحيح عن الحسن عن جندب موقوفا. قلت: قد رواه الطبراني من وجه آخر عن الحسن عن جندب مرفوعا. والله أعلم. وقد روي من طرق متعددة أن الوليد بن عقبة، كان عنده ساحر يلعب بين يديه فكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيرد إليه رأسه، فقال الناس: سبحان الله يحيي الموتى، ورآه رجل من صالحي المهاجرين، فلما كان الغد جاء مشتملا على سيفه وذهب يلعب لعبه ذلك، فاخترط الرجل سيفه فضرب عنق الساحر، وقال: إن كان صادقا فليحي نفسه، وتلا قوله تعالى:

﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٣]، فغضب الوليد إذ لم يستأذنه في ذلك، فسجنه ثم أطلقه، والله أعلم. وقال الإمام أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي أخبرنا يحيى بن سعيد، حدثني أبو إسحاق عن حارثة قال: كان عند بعض الأمراء رجل يلعب فجاء جندي مشتملا على سيفه فقتله، قال: أراه كان ساحرا، وحمل الشافعي قصة عمر وحفصة على سحر يكون شركا والله أعلم.

[[فصل]]

حكى أبو عبد الله الرازي في تفسيره (٣) عن المعتزلة أنهم أنكروا وجود السحر، قال: وربما كفروا من اعتقد وجوده، قال: وأما أهل السنة فقد جوزوا أن يقدر الساحر أن يطير في الهواء ويقلب الإنسان حمارا، والحمار إنسانا إلا أنهم قالوا: إن الله يخلق الأشياء عندما يقول الساحر تلك الرقى والكلمات المعينة فأما أن يكون المؤثر في ذلك هو الفلك والنجوم، فلا، خلافا للفلاسفة والمنجمين والصابئة، ثم استدل على وقوع السحر وأنه بخلق الله تعالى بقوله تعالى:

﴿وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ﴾ ومن الأخبار بأن رسول الله سحر، وأن السحر عمل فيه وبقصة تلك المرأة مع عائشة وما ذكرت تلك المرأة من إتيانها بابل وتعلمها السحر قال: وبما يذكر في هذا الباب من الحكايات الكثير، ثم قال بعد هذا:

المسألة الخامسة في أن العلم بالسحر ليس بقبيح ولا محظور-اتفق المحققون على ذلك لأن


(١) المسند (ج ١ ص ١٩٠، ١٩١)
(٢) سنن الترمذي (حدود باب ٢٧)
(٣) التفسير الكبير ٣/ ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>