للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرج من إل.

وذكروا أن عمرو بن العاص وفد على مسيلمة وكان صديقا له في الجاهلية وكان عمرو لم يسلم بعد فقال له مسيلمة: ويحك يا عمرو ماذا أنزل على صاحبكم يعني رسول الله في هذه المدة؟ فقال: لقد سمعت أصحابه يقرءون سورة عظيمة قصيرة فقال: وما هي؟ فقال ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ١ - ٢] إلى آخر السورة ففكر مسيلمة ساعة ثم قال وأنا قد أنزل عليّ مثله فقال وما هو فقال يا وبر يا وبر، إنما أنت أذنان وصدر، وسائرك حفر نقر. كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب. فإذا كان هذا من مشرك في حال شركه لم يشتبه عليه حال محمد وصدقه، وحال مسيلمة لعنه الله وكذبه، فكيف بأولي البصائر والنهى، وأصحاب العقول السليمة المستقيمة والحجا، ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ﴾ [الأنعام: ٩٣] وقال في هذه الآية الكريمة ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [الأنعام: ٢١] وكذلك من كذب بالحق الذي جاءت به الرسل. وقامت عليه الحجج، لا أحد أظلم منه كما جاء في الحديث «أعتى الناس على الله رجل قتل نبيا أو قتله نبي» (١).

[[سورة يونس (١٠): الآيات ١٨ إلى ١٩]]

﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (١٨) وَما كانَ النّاسُ إِلاّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩)

ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ظانين أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند الله فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئا، ولا يقع شيء مما يزعمون فيها ولا يكون هذا أبدا ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ﴾.

وقال ابن جرير (٢): معناه أتخبرون الله بما لا يكون في السموات ولا في الأرض؟ ثم نزه نفسه الكريمة عن شركهم وكفرهم فقال: ﴿سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ ثم أخبر تعالى أن هذا الشرك حادث في الناس كائن بعد أن لم يكن وأن الناس كلهم كانوا على دين واحد وهو الإسلام قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ثم وقع الاختلاف بين الناس وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان فبعث الله الرسل بآياته وبيناته وحججه البالغة


(١) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٤٠٧.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٥٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>