للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْتِ، قَالَ وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ فَسَمَّى اللَّهُ طَاعَتَهُ نُورًا ثُمَّ سَمَاهَا أَنْوَاعًا شَتَّى «١» ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: هن الكوة بلغة الحبشة وزاد بعضهم فَقَالَ: الْمِشْكَاةُ الْكُوَّةُ الَّتِي لَا مَنْفَذَ لَهَا، وَعَنْ مُجَاهِدٍ الْمِشْكَاةُ الْحَدَائِدُ الَّتِي يُعَلَّقُ بِهَا الْقِنْدِيلُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَهُوَ أَنَّ الْمِشْكَاةَ هو مَوْضِعُ الْفَتِيلَةِ مِنَ الْقِنْدِيلِ وَلِهَذَا قَالَ فِيها مِصْباحٌ وَهُوَ النُّورُ الَّذِي فِي الذُّبَالَةِ.

قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: الْمِصْبَاحُ النُّورُ وَهُوَ الْقُرْآنُ وَالْإِيمَانُ الَّذِي فِي صَدْرِهِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ السِّرَاجُ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ أَيْ هَذَا الضَّوْءُ مشرق في زجاجة صافية، وقال أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: وَهِيَ نَظِيرُ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ قَرَأَ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الدَّالِ مِنْ غَيْرِ هَمْزَةٍ مِنَ الدُّرِّ أَيْ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ مِنْ دُرٍّ، وَقَرَأَ آخرون دريء ودريء بكسر الدال وضمها مع الهمزة مِنَ الدَرْءِ وَهُوَ الدَّفْعُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّجْمَ إِذَا رُمِيَ بِهِ يَكُونُ أَشَدُّ اسْتِنَارَةً مِنْ سَائِرِ الْأَحْوَالِ.

وَالْعَرَبُ تُسَمِّي مَا لَا يُعْرَفُ مِنَ الْكَوَاكِبِ دَرَارِيَّ، قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: كَوْكَبٌ مُضِيءٌ، وَقَالَ قَتَادَةُ: مُضِيءٌ مُبِينٌ ضَخْمٌ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ أَيْ يَسْتَمِدُّ مِنْ زَيْتِ زَيْتُونِ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ أَيْ لَيْسَتْ فِي شَرْقِيِّ بُقْعَتِهَا فَلَا تَصِلُ إِلَيْهَا الشَّمْسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَلَا فِي غَرْبِيِّهَا فيقلص عَنْهَا الْفَيْءُ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَلْ هِيَ فِي مَكَانٍ وَسَطٍ تَفْرَعُهُ الشَّمْسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلى آخره فيجيء زيتها صافيا معتدلا مشرقا.

وروى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ قال: هي شجرة بالصحراء لا يظلها شجر ولا جبل وَلَا كَهْفٌ وَلَا يُوَارِيهَا شَيْءٌ وَهُوَ أَجْوَدُ لِزَيْتِهَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ قَالَ: هي بصحراء وذلك أصفى لزيتها. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أبو نعيم، حدثنا عمرو بْنُ فَرُّوخٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عكرمة وسأله رجل عن قوله تَعَالَى: زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ قَالَ: تلك بِأَرْضِ فَلَاةٍ إِذَا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ أَشْرَقَتْ عَلَيْهَا فإذا غربت غربت عليها، فذلك أَصْفَى مَا يَكُونُ مِنَ الزَّيْتِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ في قوله تَعَالَى: زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ قَالَ: لَيْسَتْ بِشَرْقِيَّةٍ لَا تُصِيبُهَا الشَّمْسُ إِذَا غَرُبَتْ وَلَا غَرْبِيَّةٍ لَا تُصِيبُهَا الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ وَلَكِنَّهَا شَرْقِيَّةٌ وَغَرْبِيَّةٌ تُصِيبُهَا إِذَا طَلَعَتْ وَإِذَا غربت.

وعن سعيد بن جبير في قوله زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ قَالَ هُوَ أَجْوَدُ الزَّيْتِ، قَالَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَصَابَتْهَا مِنْ صَوْبِ الْمَشْرِقِ فَإِذَا أَخَذَتْ فِي الْغُرُوبِ أَصَابَتْهَا الشَّمْسُ، فَالشَّمْسُ تُصِيبُهَا بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ فَتِلْكَ لَا تُعَدُّ شَرْقِيَّةً وَلَا غَرْبِيَّةً. وَقَالَ السدي قَوْلِهِ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَقُولُ لَيْسَتْ بِشَرْقِيَّةٍ يَحُوزُهَا الْمَشْرِقُ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَحُوزُهَا المغرب


(١) انظر تفسير الطبري ٩/ ٣٢٢، ولفظه: ثم سماها أنوارا شتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>